كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 22)

بَيْنَهُنَّ، وَيَأْخُذُ مَنْ خَرَجَتْ لَهَا الْقُرْعَةُ، وَلاَ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ لِضَرَّاتِهَا إِذَا رَجَعَ. (ر: تَيْسِير) .

كَيْفِيَّةُ رَفْعِ الْحَرَجِ:
رَفْعُ الْحَرَجِ ابْتِدَاءً:
10 - لاَ يَتَعَلَّقُ التَّكْلِيفُ بِمَا فِيهِ الْحَرَجُ ابْتِدَاءً فَضْلاً مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَلِذَلِكَ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ مِنَ الأَْحْكَامِ عَلَى الصَّبِيِّ الْعَاقِل، وَلاَ عَلَى الْمَعْتُوهِ الْبَالِغِ، وَلَمْ يَجِبْ قَضَاءُ الصَّلاَةِ فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ (1) . كَمَا أَنَّ هُنَاكَ الْكَثِيرَ مِنَ الأَْحْكَامِ وَالتَّشْرِيعَاتِ الَّتِي جَاءَتْ ابْتِدَاءً لِرَفْعِ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ عَنِ النَّاسِ، وَلَوْلاَهَا لَوَقَعَ النَّاسُ فِيهِمَا. وَمِنْهَا مَشْرُوعِيَّةُ الْخِيَارِ، إِذْ إِنَّ الْبَيْعَ يَقَعُ غَالِبًا مِنْ غَيْرِ تَرَوٍّ وَيَحْصُل فِيهِ النَّدَمُ فَيَشُقُّ عَلَى الْعَاقِدِ، فَسَهَّل الشَّارِعُ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِجَوَازِ الْفَسْخِ فِي مَجْلِسِهِ وَمِنْهَا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَالتَّحَالُفُ وَالإِْقَالَةُ وَالْحَوَالَةُ وَالرَّهْنُ وَالضَّمَانُ وَالإِْبْرَاءُ وَالْقَرْضُ وَالشَّرِكَةُ وَالصُّلْحُ وَالْحَجْرُ وَالْوَكَالَةُ وَالإِْجَارَةُ وَالْمُزَارَعَةُ وَالْمُسَاقَاةُ وَالْمُضَارَبَةُ وَالْعَارِيَّةُ الْوَدِيعَةُ لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ الْعَظِيمَةِ فِي أَنَّ كُل وَاحِدٍ لاَ يَنْتَفِعُ إِلاَّ بِمَا هُوَ مِلْكُهُ، وَلاَ يَسْتَوْفِي إِلاَّ مِمَّنْ عَلَيْهِ حَقُّهُ، وَلاَ يَأْخُذُهُ إِلاَّ بِكَمَالِهِ، وَلاَ يَتَعَاطَى أُمُورَهُ إِلاَّ بِنَفْسِهِ، فَسَهُل الأَْمْرُ بِإِبَاحَةِ الاِنْتِفَاعِ بِمِلْكِ الْغَيْرِ بِطَرِيقِ الإِْجَارَةِ وَالإِْعَارَةِ وَالْقَرْضِ، وَبِالاِسْتِعَانَةِ
__________
(1) تيسير التحرير 2 / 253 مصطفى البابي الحلبي 1350 هـ، مسلم الثبوت 1 / 169 دار صادر.
بِالْغَيْرِ وَكَالَةً وَإِيدَاعًا وَشَرِكَةً وَمُضَارَبَةً وَمُسَاقَاةً، وَبِالاِسْتِيفَاءِ مِنْ غَيْرِ الْمَدْيُونِ حَوَالَةً، وَبِالتَّوْثِيقِ عَلَى الدَّيْنِ بِرَهْنٍ وَكَفِيلٍ وَضَمَانٍ وَحَجْرٍ، وَبِإِسْقَاطِ بَعْضِ الدَّيْنِ صُلْحًا أَوْ كُلِّهِ إِبْرَاءً.
وَمِنْ تِلْكَ الأَْحْكَامِ الَّتِي جَاءَتْ لِرَفْعِ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ أَيْضًا جَوَازُ الْعُقُودِ غَيْرِ اللاَّزِمَةِ؛ لأَِنَّ لُزُومَهَا شَاقٌّ فَتَكُونُ سَبَبًا لِعَدَمِ تَعَاطِيهَا، وَمِنْهَا لُزُومُ الْعُقُودِ اللاَّزِمَةِ، وَإِلاَّ لَمْ يَسْتَقِرَّ بَيْعٌ وَلاَ غَيْرُهُ.
وَمِنْهَا مَشْرُوعِيَّةُ الطَّلاَقِ لِمَا فِي الْبَقَاءِ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ مِنَ الْمَشَقَّةِ وَالْحَرَجِ عِنْدَ التَّنَافُرِ، وَكَذَا مَشْرُوعِيَّةُ الْخُلْعِ وَالاِفْتِدَاءِ وَالرَّجْعَةِ فِي الْعِدَّةِ قَبْل الثَّلاَثِ، وَلَمْ يُشْرَعْ دَائِمًا لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ عَلَى الزَّوْجَةِ (1) .

رَفْعُ الْحَرَجِ عِنْدَ تَحَقُّقِ وُجُودِهِ:
11 - قَدْ يَأْتِي الْحَرَجُ وَالْمَشَقَّةُ فِي التَّكَالِيفِ مِنْ أَسْبَابٍ خَارِجِيَّةٍ، إِذْ إِنَّ نَفْسَ التَّكْلِيفِ لَيْسَ فِيهِ مَشَقَّةٌ وَحَرَجٌ بَل فِيهِ كُلْفَةٌ أَيْ مَشَقَّةٌ مُعْتَادَةٌ، وَإِنَّمَا يَأْتِي الْحَرَجُ بِسَبَبِ اقْتِرَانِ التَّكْلِيفِ بِأُمُورٍ أُخْرَى كَالْمَرَضِ وَالسَّفَرِ، وَلِلشَّارِعِ أَنْوَاعٌ مُتَعَدِّدَةٌ مِنَ التَّخْفِيفَاتِ تُنَاسِبُ تِلْكَ الْمَشَاقَّ وَتَكُونُ تِلْكَ
__________
(1) الأشباه والنظائر لابن نجيم 69، 80 دار مكتبة الهلال 1980 م، الأشباه والنظائر للسيوطي 78، 79 دار الكتب العلمية 1983 م الطبعة الأولى.

الصفحة 288