كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 22)

فَقَال: إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلاً فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ، فَقَال لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُل وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ. (1)
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (خِدْمَة) .

الرِّفْقُ بِالْحَيَوَانِ:
10 - مِمَّا وَرَدَ فِي الرِّفْقِ بِالْحَيَوَانَاتِ النَّهْيُ عَنْ صَبْرِهَا وَتَعْذِيبِهَا، وَبَيَانُ فَضْل سَاقِيهَا وَالإِْنْفَاقِ عَلَيْهَا، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنَ الأَْنْعَامِ أَمْ مِنْ غَيْرِهَا. فَمِمَّا وَرَدَ فِي النَّهْيِ عَنْ صَبْرِ الْبَهَائِمِ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ مَرَّ بِفِتْيَانٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ نَصَبُوا طَيْرًا وَهُمْ يَرْمُونَهُ، وَقَدْ جَعَلُوا لِصَاحِبِ الطَّيْرِ كُل خَاطِئَةٍ مِنْ نَبْلِهِمْ فَلَمَّا رَأَوُا ابْنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا، فَقَال ابْنُ عُمَرَ: مَنْ فَعَل هَذَا؟ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ فَعَل هَذَا، إِنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ مَنِ اتَّخَذَ شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا (2) . وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَال: نَهَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ
__________
(1) حديث أبي ذر: " إني ساببت رجلاً. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 84 - ط السلفية) . وانظر فتح الباري 5 - 174 ط. الرياض.
(2) 2) حديث ابن عمر: " مر بفتيان من قريش. . . . " أخرجه مسلم (3 / 1550 - ط الحلبي) .
يُقْتَل شَيْءٌ مِنَ الدَّوَابِّ صَبْرًا (1) .
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: لاَ تَتَّخِذُوا شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا (2) . وَمَعْنَى صَبْرِ الْبَهَائِمِ كَمَا قَال الْعُلَمَاءُ أَنْ تُحْبَسَ وَهِيَ حَيَّةٌ لِتُقْتَل بِالرَّمْيِ وَنَحْوِهِ وَهُوَ مَعْنَى لاَ تَتَّخِذُوا شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا، أَيْ لاَ تَتَّخِذُوا الْحَيَوَانَ غَرَضًا تَرْمُونَ إِلَيْهِ كَالْغَرَضِ (أَيِ الْهَدَفِ) مِنَ الْجُلُودِ وَغَيْرِهَا، وَهَذَا النَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ وَلِهَذَا قَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ: لَعَنَ اللَّهُ مَنْ فَعَل هَذَا؛ وَلأَِنَّهُ تَعْذِيبٌ لِلْحَيَوَانِ، وَتَضْيِيعٌ لِمَالِيَّتِهِ، وَتَفْوِيتٌ لِذَكَاتِهِ إِنْ كَانَ مُذَكًّى، وَلِمَنْفَعَتِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُذَكًّى (3) . حَتَّى مَا يُذْبَحُ مِنَ الْحَيَوَانِ لأَِكْلِهِ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرِّفْقِ بِهِ، بِإِحْدَادِ الشَّفْرَةِ وَإِرَاحَةِ الذَّبِيحَةِ. قَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِْحْسَانَ عَلَى كُل شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ (4) .
وَمِمَّا وَرَدَ فِي فَضْل مَنْ سَقَى حَيَوَانًا رِفْقًا بِهِ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
__________
(1) حديث جابر: " نهى أن يقتل شيء من الدواب صبرًا. . . . " أخرجه مسلم (3 / 1550 ط الحلبي) .
(2) حديث ابن عباس: " لا تتخذوا شيئًا فيه الروح غرضًا. . . . " أخرجه مسلم (3 / 1549 ط الحلبي) .
(3) صحيح مسلم بشرح النووي 13 / 107 - 108 ط - الأولى.
(4) حديث: " إن الله كتب الإحسان. . . . " أخرجه مسلم (3 / 1548 - ط الحلبي) من حديث شداد بن أوس.

الصفحة 295