كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 22)

السَّفَرُ إِلاَّ مَعَ مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ، لِحَدِيثِ لاَ تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلاَ يُدْخَل عَلَيْهَا إِلاَّ وَمَعَهَا مَحْرَمٌ (1) .
وَحَدِيثِ لاَ يَحِل لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَيْسَ مَعَهَا حُرْمَةٌ (2) .
وَهَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ.
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ لاَ تَخْرُجُ إِلاَّ مَعَ مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تَخْرُجُ مَعَ مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ أَوْ جَمَاعَةٍ مِنَ النِّسَاءِ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا لَمْ تَجِدِ الْمَرْأَةُ مَحْرَمًا وَلاَ زَوْجًا تَخْرُجُ مَعَهُ، أَوِ امْتَنَعَا مِنَ الْخُرُوجِ مَعَهَا جَازَ أَنْ تَخْرُجَ لِلسَّفَرِ الْوَاجِبِ مَعَ رُفْقَةٍ مَأْمُونَةٍ، وَقَالُوا: وَالرُّفْقَةُ الْمَأْمُونَةُ رِجَالٌ صَالِحُونَ، أَوْ نِسَاءٌ صَالِحَاتٌ، وَأَوْلَى إِنِ اجْتَمَعَا. وَقَال صَاحِبُ مَوَاهِبِ الْجَلِيل: قَال مَالِكٌ: إِذَا أَرَادَتِ الْمَرْأَةُ الْحَجَّ وَلَيْسَ لَهَا وَلِيٌّ فَلْتَخْرُجْ مَعَ مَنْ تَثِقُ بِهِ مِنَ الرِّجَال وَالنِّسَاءِ، فَإِنْ كَانَ وَلِيٌّ فَأَبَى أَنْ يَحُجَّ مَعَهَا فَلاَ أَرَى بَأْسًا أَنْ تَخْرُجَ مَعَ مَنْ ذَكَرْتُ لَكَ. وَقَال
__________
(1) حديث: " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها إلا ومعها محرم " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 72 - ط السلفية) من حديث ابن عباس.
(2) حديث: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 566 - ط السلفية) من حديث أبي هريرة، ومسلم (2 / 977 - ط الحلبي) .
أَيْضًا: وَتَخْرُجُ الْمَرْأَةُ مَعَ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ ".
أَمَّا سَفَرُ التَّطَوُّعِ وَالْمُبَاحِ فَلاَ يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ فِيهِ إِلاَّ مَعَ مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ. وَقَيَّدَ الْبَاجِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ الْمَنْعَ بِالْعَدَدِ الْقَلِيل مِنَ الرُّفْقَةِ. أَمَّا الْقَوَافِل الْعَظِيمَةُ فَهِيَ كَالْبِلاَدِ فَيَجُوزُ فِيهَا سَفَرُهَا، دُونَ نِسَاءٍ أَوْ مَحَارِمَ (1) .
وَالتَّفْصِيل فِي (حَجّ) .

الرُّفْقَةُ فِي السَّفَرِ بِمَنْزِلَةِ الأَْهْل فِي الْحَضَرِ:
10 - يَجِبُ عَلَى الرُّفْقَةِ فِي سَفَرٍ دَفْنُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَتَجْهِيزُهُ، فَإِنْ لَمْ يَدْفِنُوهُ أَثِمُوا، وَلِلْحَاكِمِ تَعْزِيرُهُمْ (2) .
وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرُّفْقَةِ فِي السَّفَرِ الشِّرَاءُ لِلْمَرِيضِ مِنْ مَالِهِ إِذَا احْتَاجَ إِلَى ذَلِكَ، كَمَا يَجُوزُ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَشْتَرُوا مِنْ مَالِهِ؛ لأَِنَّ الرُّفْقَةَ فِي السَّفَرِ بِمَنْزِلَةِ الأَْهْل فِي الْحَضَرِ.

بَيْعُ الرُّفْقَةِ مَتَاعَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ.
11 - قَال الْحَنَفِيَّةُ: لِلرُّفْقَةِ بَيْعُ مَتَاعِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ، وَمَرْكَبِهِ، وَحَمْلُهُ إِلَى وَرَثَتِهِ بَعْدَ مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ، وَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ لأَِجْنَبِيٍّ؛ لأَِنَّ الرَّفِيقَ مَأْذُونٌ لَهُ فِي ذَلِكَ دَلاَلَةً، كَمَا يَجُوزُ لَهُ الإِْحْرَامُ عَنْهُ
__________
(1) مواهب الجليل 2 / 521 وما بعده، حاشية العدوي 1 / 455، والقوانين الفقهية ص 290
(2) روضة الطالبين 2 / 143.

الصفحة 300