كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 22)

لُزُومُ الصِّيَامِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ (1) .
وَعَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ قَوْل: لاَ بَأْسَ بِالاِعْتِمَادِ عَلَى قَوْل الْمُنَجِّمِينَ (2) .
وَقَال الْقُشَيْرِيُّ: " إِذَا دَل الْحِسَابُ عَلَى أَنَّ الْهِلاَل قَدْ طَلَعَ مِنَ الأُْفُقِ عَلَى وَجْهٍ يُرَى لَوْلاَ وُجُودُ الْمَانِعِ كَالْغَيْمِ مَثَلاً، فَهَذَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ لِوُجُودِ السَّبَبِ الشَّرْعِيِّ، وَلَيْسَ حَقِيقَةُ الرُّؤْيَةِ مَشْرُوطَةً فِي اللُّزُومِ، فَإِنَّ الاِتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الْمَحْبُوسَ فِي الْمَطْمُورَةِ إِذَا عَلِمَ بِإِتْمَامِ الْعِدَّةِ أَوْ بِالاِجْتِهَادِ أَنَّ الْيَوْمَ مِنْ رَمَضَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ (3) ".

آرَاءُ الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ إِثْبَاتِ الأَْهِلَّةِ بِالْحِسَابِ وَأَدِلَّتُهُمْ:
13 - الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ أَنَّ شَرْطَ وُجُوبِ الصَّوْمِ وَالإِْفْطَارِ رُؤْيَةُ الْهِلاَل، وَأَنَّهُ لاَ عِبْرَةَ بِقَوْل الْمُؤَقِّتِينَ وَلَوْ عُدُولاً، وَمَنْ رَجَعَ إِلَى قَوْلِهِمْ فَقَدْ خَالَفَ الشَّرْعَ، وَذَهَبَ قَوْمٌ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُجْتَهَدَ فِي ذَلِكَ، وَيُعْمَل بِقَوْل أَهْل الْحِسَابِ (4) .
وَمَنَعَ مَالِكٌ مِنَ اعْتِمَادِ الْحِسَابِ فِي إِثْبَاتِ الْهِلاَل، فَقَال: " إِنَّ الإِْمَامَ الَّذِي يَعْتَمِدُ عَلَى
__________
(1) ابن حجر، فتح الباري 4 / 122.
(2) عمدة القاري 10 / 271، ورسائل ابن عابدين 1 / 224.
(3) عمدة القاري 10 / 272.
(4) رسائل ابن عابدين 1 / 244 - 225
الْحِسَابِ لاَ يُقْتَدَى بِهِ، وَلاَ يُتَّبَعُ ".
وَبَيَّنَ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ حُكْمَ صِيَامِ مَنِ اعْتَمَدَ الْحِسَابَ فَقَال: " فَإِنْ فَعَل ذَلِكَ أَحَدٌ فَالَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ لاَ يُعْتَدُّ بِمَا صَامَ مِنْهُ عَلَى الْحِسَابِ وَيَرْجِعُ إِلَى الرُّؤْيَةِ وَإِكْمَال الْعَدَدِ، فَإِنِ اقْتَضَى ذَلِكَ قَضَاءَ شَيْءٍ مِنْ صَوْمِهِ قَضَاهُ (1) ".
وَذَكَرَ الْقَرَافِيُّ قَوْلاً آخَرَ لِلْمَالِكِيَّةِ بِجَوَازِ اعْتِمَادِ الْحِسَابِ فِي إِثْبَاتِ الأَْهْلِيَّةِ (2) .
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَقَال النَّوَوِيُّ: قَال أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ: " لاَ يَجِبُ صَوْمُ رَمَضَانَ إِلاَّ بِدُخُولِهِ، وَيُعْلَمُ دُخُولُهُ بِرُؤْيَةِ الْهِلاَل، فَإِنْ غُمَّ وَجَبَ اسْتِكْمَال شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ، ثُمَّ يَصُومُونَ سَوَاءٌ كَانَتِ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً أَوْ مُغَيِّمَةً غَيْمًا قَلِيلاً أَوْ كَثِيرًا ". وَفِي هَذَا حَصْرُ طُرُقِ إِثْبَاتِ هِلاَل رَمَضَانَ فِي الرُّؤْيَةِ وَإِكْمَال شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ، وَفِي هَذَا الْحَصْرِ نَفْيٌ لاِعْتِمَادِ الْحِسَابِ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِرَفْضِهِ؛ لأَِنَّهُ حَدْسٌ وَتَخْمِينٌ وَرَأَى اعْتِبَارَهُ فِي الْقِبْلَةِ وَالْوَقْتِ (3) .
نَقَل الْقَلْيُوبِيُّ عَنِ الْعَبَّادِيِّ قَوْلَهُ: إِذَا دَل الْحِسَابُ الْقَطْعِيُّ عَلَى عَدَمِ رُؤْيَةِ الْهِلاَل لَمْ يُقْبَل
__________
(1) أبو الوليد الباجي، المنتقى 2 / 38 (دار الكتاب العربي، طبعة مصورة عن ط - الأولى) ، والحطاب 2 / 387، وفتح الباري 4 / 127، والعيني 5 / 270 - 272
(2) الفروق 2 / 178، الفرق 102
(3) النووي، المجموع شرح المهذب 6 / 270، والزرقاني شرح الموطأ 2 / 154، والقسطلاني: إرشاد الساري 3 / 356 (دار الفكر، بيروت) .

الصفحة 33