كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 22)

كَالْهَرَوِيِّ بِالْهَرَوِيِّ، فَإِنَّ الْمُعَجَّل خَيْرٌ مِنَ الْمُؤَجَّل وَلَهُ فَضْلٌ عَلَيْهِ، فَيَكُونُ الْفَضْل مِنْ حَيْثُ التَّعْجِيل رِبًا؛ لأَِنَّهُ فَضْلٌ يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ عَنْهُ وَهُوَ مَشْرُوطٌ فِي الْعَقْدِ فَيَحْرُمُ.
وَيَحْرُمُ بَيْعُ كَيْلِيٍّ أَوْ وَزْنِيٍّ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلاً وَنَسِيئَةً وَلَوْ غَيْرَ مَطْعُومٍ، كَجِصٍّ كَيْلِيٍّ أَوْ حَدِيدٍ وَزْنِيٍّ، وَيَحِل بَيْعُ ذَلِكَ مُتَمَاثِلاً لاَ مُتَفَاضِلاً وَبِلاَ مِعْيَارٍ شَرْعِيٍّ، فَإِنَّ الشَّرْعَ لَمْ يُقَدِّرِ الْمِعْيَارَ بِالذَّرَّةِ وَبِمَا دُونَ نِصْفِ الصَّاعِ كَحَفْنَةٍ بِحَفْنَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ مَا لَمْ يَبْلُغْ نِصْفَ الصَّاعِ، وَكَذَرَّةٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَتُفَّاحَةٍ بِتُفَّاحَتَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا، فَإِنْ كَانَا غَيْرَ مُعَيَّنَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ. وَخَالَفَ مُحَمَّدٌ فَرَأَى تَحْرِيمَ الرِّبَا فِي الْكَثِيرِ وَالْقَلِيل كَتَمْرَةٍ بِتَمْرَتَيْنِ.
وَجَيِّدُ مَال الرِّبَا وَرَدِيئُهُ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ سَوَاءٌ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: جَيِّدُهَا وَرَدِيئُهَا سَوَاءٌ (1) ؛ وَلأَِنَّ فِي اعْتِبَارِ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ سَدَّ بَابِ الْبِيَاعَاتِ فَيَلْغُو، وَاسْتَثْنَوْا مَسَائِل لاَ يَجُوزُ فِيهَا إِهْدَارُ اعْتِبَارِ الْجَوْدَةِ، وَهِيَ: مَال الْيَتِيمِ وَالْوَقْفِ وَالْمَرِيضِ فَلاَ يُبَاعُ الْجَيِّدُ مِنْهُ بِالرَّدِيءِ. وَيَجُوزُ بَيْعُ الرَّدِيءِ
__________
(1) حديث: جيدها ورديئها سواء. أورده الزيلعي في نصب الراية (4 / 37 - ط المجلس العلمي) وقال: " غريب، ومعناه يؤخذ من إطلاق حديث أبي سعيد المتقدم تخريجه ف / 16.
بِالْجَيِّدِ وَالْقُلْبِ (1) وَالْمَرْهُونِ إِذَا انْكَسَرَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ وَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا بِخِلاَفِ جِنْسِهِ.
وَمَا وَرَدَ النَّصُّ بِكَيْلِهِ فَكَيْلِيٌّ أَبَدًا، وَمَا وَرَدَ النَّصُّ بِوَزْنِهِ فَوَزْنِيٌّ أَبَدًا اتِّبَاعًا لِلنَّصِّ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْعُرْفِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ خِلاَفَ النَّصِّ وَأَشَارَ ابْنُ عَابِدِينَ إِلَى تَقْوِيَتِهِ، وَرَجَّحَهُ الْكَمَال ابْنُ الْهُمَامِ؛ لأَِنَّ النَّصَّ عَلَى ذَلِكَ الْكَيْل فِي الشَّيْءِ أَوِ الْوَزْنِ فِيهِ مَا كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إِلاَّ؛ لأَِنَّ الْعَادَةَ إِذْ ذَاكَ كَذَلِكَ، وَقَدْ تَبَدَّلَتْ فَتَبَدَّل الْحُكْمُ، حَتَّى لَوْ كَانَ الْعُرْفُ فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَكْسِ لَوَرَدَ النَّصُّ مُوَافِقًا لَهُ، وَلَوْ تَغَيَّرَ الْعُرْفُ فِي حَيَاتِهِ لَنَصَّ عَلَى تَغَيُّرِ الْحُكْمِ.
وَيَجُوزُ بَيْعُ لَحْمٍ بِحَيَوَانٍ وَلَوْ مِنْ جِنْسِهِ وَبَيْعُ قُطْنٍ بِغَزْل قُطْنٍ فِي الأَْصَحِّ، وَبَيْعُ رُطَبٍ بِرُطَبٍ مُتَمَاثِلاً كَيْلاً، وَبَيْعُ لُحُومٍ مُخْتَلِفَةٍ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَلَبَنُ بَقَرٍ بِلَبَنِ غَنَمٍ مُتَفَاضِلاً يَدًا بِيَدٍ، وَيَجُوزُ بَيْعُ اللَّبَنِ بِالْجُبْنِ، وَلاَ يَجُوزُ بَيْعُ الْبُرِّ بِدَقِيقٍ أَوْ سَوِيقٍ، وَلاَ بَيْعُ الزَّيْتِ بِالزَّيْتُونِ.
وَلاَ رِبَا بَيْنَ مُتَفَاوِضَيْنِ وَشَرِيكَيْ عِنَانٍ إِذَا تَبَايَعَا مِنْ مَال الشَّرِكَةِ (2) .
28 - وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ يَجُوزُ بَيْعُ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ وَلاَ
__________
(1) القلب بضم القاف وسكون اللام: ما يلبس في الذراع من فضة، فإن كان من ذهب فهو السوار. رد المحتار 4 / 183
(2) الاختيار 2 / 31 وما بعدها، رد المحتار 4 / 178، 181 وما بعدها.

الصفحة 69