كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 22)

يَعْمَلُهُ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ، وَأَمِنَ الْفَتَّانَ (1) . وَوَرَدَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُل مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ إِلاَّ الَّذِي مَاتَ مُرَابِطًا فِي سَبِيل اللَّهِ، فَإِنَّهُ يُنَمَّى لَهُ عَمَلُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَيَأْمَنُ مِنْ فَتَّانِ الْقَبْرِ (2) .

أَفْضَل الرِّبَاطِ:
6 - أَفْضَل الرِّبَاطِ: أَشَدُّ الثُّغُورِ خَوْفًا؛ لأَِنَّ مُقَامَهُ بِهِ أَنْفَعُ، وَأَهْلَهُ أَحْوَجُ (3) .

الْمَحَل الَّذِي يَتَحَقَّقُ فِيهِ الرِّبَاطُ:
7 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمَحَل الَّذِي يَتَحَقَّقُ فِيهِ الرِّبَاطُ، فَإِنَّهُ لاَ يَتَحَقَّقُ فِي كُل مَحَلٍّ، فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: الْمُخْتَارُ: أَنَّهُ لاَ يَكُونُ الرِّبَاطُ، إِلاَّ فِي مَوْضِعٍ لاَ يَكُونُ وَرَاءَهُ إِسْلاَمٌ؛ لأَِنَّ مَا دُونَهُ لَوْ كَانَ رِبَاطًا فَكُل الْمُسْلِمِينَ فِي بِلاَدِهِمْ مُرَابِطُونَ، وَقَال بَعْضُهُمْ: إِذَا أَغَارَ الْعَدُوُّ عَلَى مَوْضِعٍ مَرَّةً سُمِّيَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ رِبَاطًا، أَرْبَعِينَ سَنَةً (4) .
__________
(1) حديث: " رباط يوم وليلة خير من صيام شهر. . . " أخرجه مسلم (3 / 1520 - ط الحلبي) من حديث سلمان الفارسي.
(2) حديث: " كل ميت يختم على عمله. . . " أخرجه الترمذي (4 / 165 - ط الحلبي) من حديث فضالة بن عبيد، وقال: " حديث حسن صحيح ".
(3) مطالب أولي النهى 2 / 509، والمغني 8 / 355.
(4) فتح القدير 4 / 278، وحاشية الطحطاوي 2 / 437.
وَالأَْصْل فِي هَذَا: حَدِيثُ مَنْ حَرَسَ مِنْ وَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي سَبِيل اللَّهِ مُتَطَوِّعًا لاَ يَأْخُذُهُ سُلْطَانٌ لَمْ يَرَ النَّارَ بِعَيْنَيْهِ إِلاَّ تَحِلَّةَ الْقَسَمِ (1) .
وَقَال ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي: إِذَا نَوَى بِالإِْقَامَةِ فِي أَيِّ مَكَانٍ وَإِنْ كَانَ وَطَنَهُ دَفْعَ الْعَدُوِّ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُرَابِطًا، قَال: وَمِنْ ثَمَّ اخْتَارَ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ سُكْنَى الثُّغُورِ. وَعَزَا إِلَى ابْنِ التِّينِ أَنَّهُ قَال: الرِّبَاطُ مُلاَزَمَةُ الْمَكَانِ الَّذِي بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ لِحِرَاسَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ الْوَطَنِ، وَعَزَا ذَلِكَ إِلَى ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ (2) .
وَقَال الْقُرْطُبِيُّ: الْمُرَابِطُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ هُوَ الَّذِي يَشْخَصُ إِلَى ثَغْرٍ مِنَ الثُّغُورِ لِيُرَابِطَ فِيهِ مُدَّةً مَا. أَمَّا سُكَّانُ الثُّغُورِ دَائِمًا بِأَهْلِيهِمُ الَّذِينَ يَعْمُرُونَ وَيَكْتَسِبُونَ هُنَالِكَ فَهُمْ وَإِنْ كَانُوا حُمَاةً فَلَيْسُوا بِمُرَابِطِينَ (3) .

مُدَّةُ الرِّبَاطِ:
8 - قَال الْفُقَهَاءُ: تَمَامُ الرِّبَاطِ: أَرْبَعُونَ يَوْمًا
__________
(1) حديث: " من حرس من وراء المسلمين. . . . " أخرجه أحمد (3 / 437 - 438 - ط الميمنية) من حديث معاذ بن أنس، وقال المنذري: " لا بأس بإسناده في المتابعات ". الترغيب والترهيب (2 / 248 - ط الحلبي) .
(2) فتح الباري 6 / باب الجهاد.
(3) تفسير القرطبي 4 / 323.

الصفحة 78