كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 22)

لِلإِْبْضَاعِ قَوْل الْمَالِكِ لِلْعَامِل: خُذْ هَذَا الْمَال فَاتَّجِرْ بِهِ أَوْ تَصَرَّفْ فِيهِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِي، وَكَذَا قَوْلُهُ: أَبْضَعْتُكَ هَذَا الْمَال. أَمَّا إِذَا قَال: وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَكَ، فَقَرْضٌ، وَقَدْ جَرَى مِثْل هَذَا الْخِلاَفِ فِيمَا إِذَا قَال: أَبْضَعْتُكَ عَلَى أَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ لَكَ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ قِرَاضٌ فَاسِدٌ رِعَايَةً لِلْمَعْنَى. وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ إِبْضَاعٌ رِعَايَةً لِلَّفْظِ (1) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (إِبْضَاعٌ، مُضَارَبَةٌ، قَرْضٌ) .

الرِّبْحُ فِي الشَّرِكَةِ:
6 - الرِّبْحُ فِي الشَّرِكَةِ يَكُونُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ أَوِ الشُّرَكَاءِ عَلَى مَا يَتَّفِقَانِ أَوْ يَتَّفِقُونَ عَلَيْهِ مِنْ نِصْفٍ، أَوْ ثُلُثٍ، أَوْ رُبُعٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، أَيْ يَجُوزُ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِيهِ مَعَ تَفَاضُلِهِمَا فِي الْمَال وَأَنْ يَتَفَاضَلاَ فِيهِ مَعَ تَسَاوِيهِمَا فِي الْمَال؛ لأَِنَّ الْعَمَل مِمَّا يُسْتَحَقُّ بِهِ الرِّبْحُ، فَجَازَ أَنْ يَتَفَاضَلاَ فِي الرِّبْحِ مَعَ وُجُودِ الْعَمَل مِنْهُمَا؛ لأَِنَّ أَحَدَهُمَا قَدْ يَكُونُ أَبْصَرَ بِالتِّجَارَةِ مِنَ الآْخَرِ وَأَقْوَى عَلَى الْعَمَل، فَجَازَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ زِيَادَةً فِي الرِّبْحِ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ، كَمَا يَشْتَرِطُ الرِّبْحَ فِي مُقَابَلَةِ عَمَل الْمُضَارِبِ، وَبِهَذَا قَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ:
__________
(1) المغني لابن قدامة 5 / 30، ومغني المحتاج 2 / 312، وحاشية ابن عابدين 4 / 483، وروضة الطالبين 5 / 122، وجواهر الإكليل 2 / 173.
إِنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الشَّرِكَةِ أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ فَإِنْ تَسَاوَى الْمَالاَنِ فَالرِّبْحُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا بِالتَّسَاوِي، وَإِنْ تَفَاضَل يَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا مُتَفَاضِلاً، سَوَاءٌ تَسَاوَيَا فِي الْعَمَل أَوْ تَفَاوَتَا فِيهِ؛ لأَِنَّ الرِّبْحَ هُوَ ثَمَرَةُ الْمَالَيْنِ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى قَدْرِهِمَا، فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا مِنَ الرِّبْحِ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهِ فِي الْمَال (1) .
وَالتَّفَاصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (شَرِكَة) .

زَكَاةُ رِبْحِ التِّجَارَةِ:
7 - يُضَمُّ الرِّبْحُ الْحَاصِل مِنْ عُرُوضِ التِّجَارَةِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْل إِلَى الأَْصْل، وَذَلِكَ لأَِجْل حِسَابِ الزَّكَاةِ. فَلَوِ اشْتَرَى مَثَلاً عَرْضًا فِي شَهْرِ الْمُحَرَّمِ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَارَتْ قِيمَتُهُ قَبْل آخِرِ الْحَوْل وَلَوْ بِلَحْظَةٍ ثَلاَثَمِائَةِ دِرْهَمٍ زَكَّى الْجَمِيعَ آخِرَ الْحَوْل، سَوَاءٌ حَصَل الرِّبْحُ فِي نَفْسِ الْعَرَضِ كَسِمَنِ الْحَيَوَانِ، أَمْ بِارْتِفَاعِ الأَْسْوَاقِ، قِيَاسًا عَلَى النِّتَاجِ مَعَ الأُْمَّهَاتِ؛ وَلأَِنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى حَوْل كُل زِيَادَةٍ مَعَ اضْطِرَابِ الأَْسْوَاقِ مِمَّا يَشُقُّ؛ وَلأَِنَّهُ نَمَاءٌ جَارٍ فِي الْحَوْل تَابِعٌ لأَِصْلِهِ فِي الْمِلْكِ فَكَانَ مَضْمُومًا إِلَيْهِ فِي الْحَوْل، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي قَوْلٍ هُوَ خِلاَفُ الأَْظْهَرِ وَالْحَنَابِلَةِ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَالأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يَضُمُّ الرِّبْحَ إِلَى الأَْصْل مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ
__________
(1) حاشية العدوي 2 / 188، والقوانين الفقهية ص 288، ومغني المحتاج 2 / 214

الصفحة 86