كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)

رِكَازٌ، وَيُسْتَدَل عَلَى كَوْنِهِ مِنْ دَفِينِ الْجَاهِلِيَّةِ بِوُجُودِهِ فِي قُبُورِهِمْ أَوْ خَزَائِنِهِمْ أَوْ قِلاَعِهِمْ. فَإِنْ وُجِدَ فِي مَوَاتٍ فَيُعْرَفُ بِأَنْ تُرَى عَلَيْهِ عَلاَمَاتُهُمْ كَأَسْمَاءِ مُلُوكِهِمْ وَصُوَرِهِمْ وَصُلُبِهِمْ وَصُوَرِ أَصْنَامِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
فَإِنْ كَانَ عَلَى بَعْضِهِ عَلاَمَةُ كُفْرٍ وَبَعْضُهُ لاَ عَلاَمَةَ فِيهِ فَرِكَازٌ. أَمَّا إِذَا لَمْ تَكُنْ بِالْكَنْزِ عَلاَمَةٌ يُسْتَدَل بِهَا عَلَى كَوْنِهِ مِنْ دَفِينِ الْجَاهِلِيَّةِ أَوِ الإِْسْلاَمِ أَوِ اشْتَبَهَ، فَالْجُمْهُورُ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ) عَلَى أَنَّهُ رِكَازٌ؛ لأَِنَّ الْغَالِبَ فِي الدَّفْنِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ - فِي الأَْصَحِّ - إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِرِكَازٍ بَل هُوَ لُقَطَةٌ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ مَمْلُوكٌ فَلاَ يُسْتَبَاحُ إِلاَّ بِيَقِينٍ.
وَفِي الْمَجْمُوعِ: قَال الرَّافِعِيُّ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْحُكْمَ مُدَارٌ عَلَى كَوْنِهِ مِنْ دَفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ لاَ أَنَّهُ مِنْ ضَرْبِهِمْ، فَقَدْ يَكُونُ مِنْ ضَرْبِهِمْ وَيَدْفِنُهُ مُسْلِمٌ بَعْدَ أَنْ وَجَدَهُ وَأَخَذَهُ وَمَلَكَهُ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الرَّافِعِيُّ تَفْرِيعٌ عَلَى الأَْصَحِّ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ: أَنَّ الْكَنْزَ الَّذِي لاَ عَلاَمَةَ فِيهِ يَكُونُ لُقَطَةً. فَأَمَّا إِذَا قُلْنَا بِالْقَوْل الآْخَرِ أَنَّهُ رِكَازٌ، فَالْحُكْمُ مُدَارٌ عَلَى ضَرْبِ الْجَاهِلِيَّةِ (1)
__________
(1) ابن عابدين 2 / 47، والخرشي 2 / 210، والمجموع 6 / 44، والقليوبي 2 / 27، والمغني 3 / 19، وشرح منتهى الإرادات 1 / 399 - 400.
الْمُرَادُ بِالْجَاهِلِيَّةِ:
7 - الْمُرَادُ بِالْجَاهِلِيَّةِ: مَا قَبْل الإِْسْلاَمِ، أَيْ قَبْل مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُمُّوا بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ جَهَالاَتِهِمْ، أَوْ مَنْ كَانَ بَعْدَ مَبْعَثِهِ وَلَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ.
وَعَلَى هَذَا فَلَفْظُ الْجَاهِلِيَّةِ يُطْلَقُ عَلَى مَنْ لاَ دِينَ لَهُ قَبْل الإِْسْلاَمِ أَوْ كَانَ لَهُ دِينٌ كَأَهْل الْكِتَابِ.
قَال الشِّرْبِينِيُّ: وَيُعْتَبَرُ فِي كَوْنِ الدَّفِينِ الْجَاهِلِيِّ رِكَازًا كَمَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ أَنْ لاَ يُعْلَمَ أَنَّ مَالِكَهُ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ، فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ بَلَغَتْهُ وَعَانَدَ وَوُجِدَ فِي بِنَائِهِ أَوْ بَلَدِهِ الَّتِي أَنْشَأَهَا كَنْزٌ فَلَيْسَ بِرِكَازٍ بَل فَيْءٌ، حَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ وَأَقَرَّهُ.
وَاخْتَلَفَ الْمَالِكِيَّةُ فِيمَنْ كَانَ لَهُ كِتَابٌ هَل يُقَال: إِنَّهُ جَاهِلِيٌّ؟
قَال الدُّسُوقِيُّ: الْجَاهِلِيَّةُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ مَا عَدَا الإِْسْلاَمَ كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ أَمْ لاَ.
وَقَال أَبُو الْحَسَنِ: اصْطِلاَحُهُمْ أَنَّ الْجَاهِلِيَّةَ أَهْل الْفَتْرَةِ الَّذِينَ لاَ كِتَابَ لَهُمْ. وَأَمَّا أَهْل الْكِتَابِ قَبْل الإِْسْلاَمِ فَلاَ يُقَال لَهُمْ: جَاهِلِيَّةٌ. وَعَلَى كُل حَالٍ دَفْنُهُمْ جَمِيعِهِمْ رِكَازٌ (1) .
هَذَا وَأَخْرَجَ الْفُقَهَاءُ مِنَ الرِّكَازِ دَفِينَ أَهْل الذِّمَّةِ.
__________
(1) ابن عابدين 2 / 44، 46، والدسوقي 1 / 489، والشرح الصغير 1 / 486 - 487، ومغني المحتاج 1 / 396، والمغني 3 / 18، 20.

الصفحة 101