كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)
ب - أَنْ يَجِدَ الرِّكَازَ فِي مِلْكِهِ:
17 - الْمِلْكُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَحْيَاهُ أَوِ انْتَقَل إِلَيْهِ.
1 - أَنْ يَكُونَ مَالِكُهُ هُوَ الَّذِي أَحْيَاهُ، فَإِذَا وَجَدَ فِيهِ رِكَازًا فَهُوَ لَهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يُخَمِّسَهُ، وَزَادَ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى الإِْحْيَاءِ الإِْرْثَ، وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ إِقْطَاعَ السُّلْطَانِ.
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَيَعْنُونَ بِمَالِك الأَْرْضِ أَنْ يَكُونَ قَدْ مَلَكَهَا أَوَّل الْفَتْحِ، وَهُوَ مَنْ خَصَّهُ الإِْمَامُ بِتَمْلِيكِ الأَْرْضِ حِينَ فَتْحِ الْبَلَدِ.
2 - أَنْ يَجِدَ الرِّكَازَ فِي مِلْكِهِ الْمُنْتَقِل إِلَيْهِ:
18 - إِذَا انْتَقَل الْمِلْكُ عَنْ طَرِيقِ الإِْرْثِ وَوَجَدَ فِيهِ رِكَازًا فَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ لِوَرَثَتِهِ.
أَمَّا لَوِ انْتَقَل إِلَيْهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَوَجَدَ فِيهِ رِكَازًا فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَنْ يَكُونُ لَهُ الرِّكَازُ.
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ) إِلَى أَنَّهُ لِلْمَالِكِ الأَْوَّل أَوْ لِوَارِثِهِ لَوْ كَانَ حَيًّا؛ لأَِنَّهُ كَانَتْ يَدُهُ عَلَى الدَّارِ فَكَانَتْ عَلَى مَا فِيهَا.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ الْبَحْرِ: إِنَّ الْكَنْزَ مُودَعٌ فِي الأَْرْضِ فَلَمَّا مَلَكَهَا الأَْوَّل مَلَكَ مَا فِيهَا، وَلاَ يَخْرُجُ مَا فِيهَا عَنْ مِلْكِهِ بِبَيْعِهَا كَالسَّمَكَةِ فِي جَوْفِهَا دُرَّةٌ.
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُعْرَفِ الْمَالِكُ الأَْوَّل وَلاَ وَرَثَتُهُ فَيُوضَعُ الرِّكَازُ فِي بَيْتِ الْمَال عَلَى الأَْوْجَهِ. وَهُوَ قَوْل الْمَالِكِيَّةِ.
قَال فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: وَهُوَ الظَّاهِرُ بَل الْمُتَعَيِّنُ. وَالْقَوْل الثَّانِي لِلْمَالِكِيَّةِ: أَنَّهُ لُقَطَةٌ. وَذَهَبَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ - وَأَبُو يُوسُفَ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ الرِّكَازَ الْبَاقِيَ بَعْدَ الْخُمُسِ لِلْمَالِكِ الأَْخِيرِ، لأَِنَّهُ مَال كَافِرٍ مَظْهُورٌ عَلَيْهِ فِي الإِْسْلاَمِ، فَكَانَ لِمَنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ كَالْغَنَائِمِ؛ وَلأَِنَّ الرِّكَازَ لاَ يُمْلَكُ بِمِلْكِ الأَْرْضِ لأَِنَّهُ مُودَعٌ فِيهَا، وَإِنَّمَا يُمْلَكُ بِالظُّهُورِ عَلَيْهِ، وَهَذَا قَدْ ظَهَرَ عَلَيْهِ فَوَجَبَ أَنْ يَمْلِكَهُ.
وَقَدْ صَحَّحَ فِي الْمُغْنِي هَذِهِ الرِّوَايَةَ، ثُمَّ قَال: لأَِنَّ الرِّكَازَ لاَ يُمْلَكُ بِمِلْكِ الدَّارِ لأَِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَجْزَائِهَا، وَإِنَّمَا هُوَ مُودَعٌ فِيهَا، فَيُنَزَّل مَنْزِلَةَ الْمُبَاحَاتِ مِنَ الْحَشِيشِ وَالْحَطَبِ وَالصَّيْدِ يَجِدُهُ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ فَيَأْخُذُهُ فَيَكُونُ أَحَقَّ بِهِ.
وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ: قَال أَبُو يُوسُفَ: الْبَاقِي لِلْوَاجِدِ كَمَا فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَبِهِ قَال أَبُو ثَوْرٍ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا اخْتَلَفَ الْوَرَثَةُ فَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ لِمُورِثِهِمْ وَلَمْ يُنْكِرْهُ الْبَاقُونَ، فَحُكْمُ مَنْ أَنْكَرَ فِي نَصِيبِهِ حُكْمُ الْمَالِكِ الَّذِي لَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ، وَحُكْمُ الْمُعْتَرِفِينَ حُكْمُ الْمَالِكِ الْمُعْتَرِفِ (1) .
__________
(1) ابن عابدين 2 / 45 - 47، والخرشي 2 / 211، والصاوي على الشرح الصغير 1 / 487، والمجموع 6 / 40 - 42، 47، والمغني 3 / 19، 20، وشرح منتهى الإرادات. 1 / 400
الصفحة 106