كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)
اللَّهِ (1) } وَبِالصَّلاَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ فُسِّرَتِ الآْيَةُ، وَقَال ابْنُ عُمَرَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآْيَةُ فِي التَّطَوُّعِ خَاصَّةً، أَيْ حَيْثُ تَوَجَّهَ بِكَ بَعِيرُكَ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَال: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ أَيْنَمَا تَوَجَّهَتْ يُومِئُ، وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُهُ (2) .
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ يُومِئُ إِيمَاءَ صَلاَةِ اللَّيْل إِلاَّ الْفَرَائِضَ وَيُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ (3) .
وَلِمُسْلِمٍ: غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ قَصِيرِ السَّفَرِ وَطَوِيلِهِ؛ وَلأَِنَّ إِبَاحَةَ الصَّلاَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ تَخْفِيفٌ فِي التَّطَوُّعِ كَيْ لاَ يُؤَدِّيَ إِلَى قَطْعِهَا وَتَقْلِيلِهَا، وَهَذَا يَسْتَوِي فِيهِ الطَّوِيل وَالْقَصِيرُ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ سَفَرَ قَصْرٍ، أَمَّا إِنْ لَمْ يَكُنْ سَفَرَ قَصْرٍ فَلاَ يَتَنَفَّل عَلَى الدَّابَّةِ (4) .
__________
(1) سورة البقرة / 115.
(2) حديث: " كان يصلي في السفر على راحلته أينما توجهت يومئ ". أخرجه البخاري (الفتح 2 / 574 - ط السلفية) ، ومسلم (1 / 486 - ط الحلبي) من حديث ابن عمر.
(3) حديث: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت ". أخرجه البخاري (الفتح 2 / 489 - ط السلفية) .
(4) ابن عابدين 1 / 470، ومواهب الجليل 1 / 509، ونهاية المحتاج 1 / 429، والمغني 1 / 434.
شُرُوطُ جَوَازِ التَّنَفُّل عَلَى الرَّاحِلَةِ:
3 - يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ التَّنَفُّل عَلَى الرَّاحِلَةِ مَا يَأْتِي:
1 - تَرْكُ الأَْفْعَال الْكَثِيرَةِ بِلاَ عُذْرٍ كَالرَّكْضِ.
2 - دَوَامُ السَّفَرِ إِلَى انْتِهَاءِ الصَّلاَةِ.
فَلَوْ صَارَ مُقِيمًا فِي أَثْنَاءِ الصَّلاَةِ عَلَيْهَا وَجَبَ إِتْمَامُهَا عَلَى الأَْرْضِ مُسْتَقْبِلاً الْقِبْلَةَ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ.
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُتِمَّ الصَّلاَةَ عَلَيْهَا (1) .
وَتَفْصِيلُهُ فِي الصَّلاَةِ، وَصَلاَةِ التَّطَوُّعِ.
اسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ فِي صَلاَةِ التَّطَوُّعِ عَلَى الرَّاحِلَةِ:
4 - قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنْ أَمْكَنَ اسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَإِتْمَامُ أَرْكَانِ الصَّلاَةِ كَرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَلاَ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَافَرَ، فَأَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ اسْتَقْبَل بِنَاقَتِهِ الْقِبْلَةَ فَكَبَّرَ ثُمَّ صَلَّى حَيْثُ وَجَّهَهُ رِكَابُهُ (2) .
__________
(1) ابن عابدين 1 / 470، نهاية المحتاج 1 / 433، ومواهب الجليل 1 / 509، المغني 1 / 438.
(2) حديث أنس: " كان إذا سافر فأراد أن يتطوع. . . " أخرجه أبو داود (2 / 21 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ، وحسنه المنذري كما في مختصره لأبي داود (2 / 59 - نشر دار المعرفة) .
الصفحة 121