كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)

الْمَشْيَ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتِ الطَّوَافِ، فَإِنْ طَافَ رَاكِبًا بِلاَ عُذْرٍ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْمَشْيِ وَجَبَ عَلَيْهِ دَمٌ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ: بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ بِمَنْزِلَةِ الصَّلاَةِ (1) . وَلأَِنَّ الطَّوَافَ عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْبَيْتِ فَلَمْ يَجُزْ فِعْلُهَا رَاكِبًا لِغَيْرِ عُذْرٍ كَالصَّلاَةِ، وَلأَِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِالطَّوَافِ بِقَوْلِهِ: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (2) ، وَالرَّاكِبُ لَيْسَ بِطَائِفٍ حَقِيقَةً، فَأَوْجَبَ ذَلِكَ نَقْصًا فِيهِ فَوَجَبَ جَبْرُهُ بِالدَّمِ، وَزَادَ الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ كَانَ بِمَكَّةَ فَعَلَيْهِ الإِْعَادَةُ، وَإِنْ عَادَ إِلَى بِلاَدِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ.
وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (طَوَاف) .
أَمَّا السَّعْيُ رَاكِبًا فَيُجْزِئُهُ لِعُذْرٍ، وَلِغَيْرِ عُذْرٍ بِالاِتِّفَاقِ (3) .

ضَمَانُ الرَّاكِبِ مَا تَجْنِيهِ الدَّابَّةُ:
11 - ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ إِلَى أَنَّ الرَّاكِبَ يَضْمَنُ مَا تُتْلِفُهُ الدَّابَّةُ بِيَدِهَا حَال رُكُوبِهِ مِنْ مَالٍ أَوْ نَفْسٍ.
وَاخْتَلَفُوا فِي ضَمَانِ مَا تَجْنِيهِ بِرِجْلِهَا، فَقَال
__________
(1) حديث: " الطواف بالبيت بمنزلة الصلاة ". أخرجه الحاكم (2 / 267 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث ابن عباس. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(2) سورة الحج / 29.
(3) بدائع الصنائع 2 / 128، والمغني 3 / 397، ومواهب الجليل 2 / 540.
الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ: إِنَّ الرَّاكِبَ لاَ يَضْمَنُ مَا جَنَتْهُ دَابَّتُهُ بِرِجْلِهَا؛ لأَِنَّهُ لاَ يُمْكِنُهُ حِفْظُ رِجْلِهَا عَنِ الْجِنَايَةِ فَلاَ يَضْمَنُهَا كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ يَدُهُ عَلَيْهَا، وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ: يَضْمَنُ الرَّاكِبُ مَا تَجْنِيهِ الدَّابَّةُ فِي حَال رُكُوبِهِ مُطْلَقًا. سَوَاءٌ جَنَتْ بِيَدِهَا، أَمْ بِرِجْلِهَا، أَمْ بِرَأْسِهَا، لأَِنَّهَا فِي يَدِهِ، وَعَلَيْهِ تَعَهُّدُهَا وَحِفْظُهَا (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ يَضْمَنُ الرَّاكِبُ مَا تُعْطِبُهُ الدَّابَّةُ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا أَوْ ذَنَبِهَا، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَعَلَهُ بِهَا (2) . وَالتَّفْصِيل فِي (ضَمَان، وَإِتْلاَف) .

مَا يَقُولُهُ الرَّاكِبُ إِذَا رَكِبَ دَابَّتَهُ:
12 - يُسَنُّ لِلرَّاكِبِ إِذَا اسْتَوَى عَلَى دَابَّتِهِ أَنْ يُكَبِّرَ ثَلاَثًا ثُمَّ يَقْرَأَ آيَةَ: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} (3) .
وَيَدْعُوَ بِالدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ قَال: شَهِدْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُتِيَ بِدَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا، فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ
__________
(1) مغني المحتاج 4 / 204، وابن عابدين 5 / 386 - 387، والمغني لابن قدامة 8 / 338 - 339.
(2) حاشية الدسوقي 4 / 357 - 358.
(3) سورة الزخرف / 13 و14.

الصفحة 124