كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)

فَجَازَاهُ بِأَنْ صَيَّرَهُ عَبْدَ عَبِيدِهِ (1) .

ثَانِيًا: وَلَدُ الأَْمَةِ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الرِّقِّ، سَوَاءٌ، أَكَانَ أَبُوهُ حُرًّا أَمْ عَبْدًا، وَهُوَ رَقِيقٌ لِمَالِكِ أُمِّهِ، لأَِنَّ وَلَدَهَا مِنْ نَمَائِهَا، وَنَمَاؤُهَا لِمَالِكِهَا، وَلِلإِْجْمَاعِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَدُ الْمَغْرُورِ وَهُوَ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَإِذَا هِيَ أَمَةٌ. وَكَذَا لَوِ اشْتَرَطَ مُتَزَوِّجُ الأَْمَةِ أَنْ يَكُونَ أَوْلاَدُهُ مِنْهَا أَحْرَارًا عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ (2) .

ثَالِثًا: الشِّرَاءُ مِمَّنْ يَمْلِكُهُ مِلْكًا صَحِيحًا مُعْتَرَفًا بِهِ شَرْعًا، وَكَذَا الْهِبَةُ وَالْوَصِيَّةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْمِيرَاثُ وَغَيْرُهَا مِنْ صُوَرِ انْتِقَال الأَْمْوَال مِنْ مَالِكٍ إِلَى آخَرَ.
وَلَوْ كَانَ مَنْ بَاعَ الرَّقِيقَ، أَوْ وَهَبَهُ كَافِرًا ذِمِّيًّا أَوْ حَرْبِيًّا فَيَصِحُّ ذَلِكَ أَيْضًا، وَقَدْ أَهْدَى الْمُقَوْقِسُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَارِيَتَيْنِ، فَتَسَرَّى بِإِحْدَاهُمَا، وَوَهَبَ الأُْخْرَى لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (3) .

الأَْصْل فِي الإِْنْسَانِ الْحُرِّيَّةُ لاَ الرِّقُّ:
3 - الأَْصْل فِي الإِْنْسَانِ الْحُرِّيَّةُ لاَ الرِّقُّ، وَقَدْ
__________
(1) العناية بهامش فتح القدير 4 / 316، القاهرة، مطبعة بولاق 1318هـ.
(2) كشاف القناع 5 / 99 الرياض، مكتبة النصر الحديثة، والدر المختار مع حاشية ابن عابدين 3 / 12، 13.
(3) حديث: " إهداء المقوقس جاريتين للنبي صلى الله عليه وسلم ". ذكره ابن سعد في الطبقات (8 / 214 - ط دار صادر) من حديث الزهري مرسلا.
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ اللَّقِيطَ إِذَا وُجِدَ وَلَمْ يُعْرَفْ نَسَبُهُ يَكُونُ حُرًّا، وَإِنِ احْتُمِل أَنَّهُ رَقِيقٌ، قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ عَامَّةُ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ اللَّقِيطَ حُرٌّ. وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: لأَِنَّ الأَْصْل فِي الآْدَمِيِّينَ الْحُرِّيَّةُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ وَذُرِّيَّتَهُ أَحْرَارًا، وَإِنَّمَا الرِّقُّ لِعَارِضٍ، فَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ الْعَارِضُ فَلَهُ حُكْمُ الأَْصْل (1) .
وَالْحُرِّيَّةُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى إِبْطَالِهِ إِلاَّ بِحُكْمِ الشَّرْعِ، فَلاَ يَجُوزُ إِبْطَال هَذَا الْحَقِّ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ الْحُرِّ وَلَوْ رَضِيَ بِذَلِكَ (2) .
وَمَا كَانَ مِنْ خَوَاصِّ الآْدَمِيَّةِ فِي الرَّقِيقِ لاَ يَبْطُل بِرِقِّهِ، بَل يَبْقَى عَلَى أَصْل الْحُرِّيَّةِ، كَالطَّلاَقِ، فَإِنَّ حَقَّ تَطْلِيقِ زَوْجَةِ الْعَبْدِ هُوَ لَهُ، وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُطَلِّقَهَا عَلَيْهِ (3) .

إِلْغَاءُ الشَّرِيعَةِ الإِْسْلاَمِيَّةِ لأَِنْوَاعٍ مِنْ الاِسْتِرْقَاقِ:
4 - حَرَّمَتِ الشَّرِيعَةُ الإِْسْلاَمِيَّةُ اسْتِرْقَاقَ الْحُرِّ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَقَدْ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَال اللَّهُ تَعَالَى: ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَل ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ
__________
(1) المغني 5 / 679، 680، القاهرة، دار المنار، 1367هـ، ط ثالثة، وكشاف القناع 6 / 392، وفتح القدير 6 / 250.
(2) فتح القدير 6 / 237.
(3) العناية وفتح القدير 3 / 44.

الصفحة 13