كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)
وَاسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِثُبُوتِ الشَّهْرِ بِرُؤْيَةِ الْعَدْل، بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَال: تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلاَل، فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي رَأَيْتُهُ فَصَامَهُ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ (1) .
وَاسْتَدَلُّوا كَذَلِكَ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: إِنِّي رَأَيْتُ الْهِلاَل - يَعْنِي رَمَضَانَ - قَال: أَتَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؟ أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّهِ؟ قَال: نَعَمْ. قَال: يَا بِلاَل، أَذِّنْ فِي النَّاسِ أَنْ يَصُومُوا غَدًا (2) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: إِلَى أَنَّهُ لاَ يَثْبُتُ شَهْرُ رَمَضَانَ إِلاَّ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَارِثِ الْجَدَلِيِّ قَال: إِنَّ أَمِيرَ مَكَّةَ - الْحَارِثَ بْنَ حَاطِبٍ - قَال: عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَنْسُكَ لِلرُّؤْيَةِ، فَإِنْ لَمْ نَرَهُ وَشَهِدَ شَاهِدَا عَدْلٍ نَسَكْنَا بِشَهَادَتِهِمَا (3) . وَالإِْخْبَارُ بِرُؤْيَةِ هِلاَل رَمَضَانَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ كَوْنِهِ
__________
(1) حديث ابن عمر: " تراءى الناس الهلال ". أخرجه أبو داود (2 / 756 - 757 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (1 / 423 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه، ووافقه الذهبي. .
(2) حديث ابن عباس: " جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم " أخرجه الترمذي (3 / 65 - ط الحلبي) والنسائي (4 / 132 - ط المكتبة التجارية) ورجحا إرساله.
(3) حديث: " الحارث بن حاطب ". أخرجه الدارقطني (2 / 167 - ط دار المحاسن) وصححه.
رِوَايَةً أَوْ شَهَادَةً، فَمَنِ اعْتَبَرَهُ رِوَايَةً وَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قُبِل فِيهِ قَوْل الْمَرْأَةِ. وَمَنِ اعْتَبَرَهُ شَهَادَةً وَهُمُ الْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَمْ يُقْبَل فِيهِ قَوْل الْمَرْأَةِ.
فَإِنْ لَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَةُ الْهِلاَل وَجَبَ اسْتِكْمَال عِدَّةِ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ يَوْمًا، وَهُوَ قَوْل الْجُمْهُورِ - الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَرِوَايَةٌ فِي مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ - وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ حَال بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سَحَابَةٌ، فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلاَ تَسْتَقْبِلُوا الشَّهْرَ اسْتِقْبَالاً (1) .
وَفِي رِوَايَةٍ: لاَ تَصُومُوا قَبْل رَمَضَانَ، صُومُوا لِلرُّؤْيَةِ وَأَفْطِرُوا لِلرُّؤْيَةِ، فَإِنْ حَالَتْ دُونَهُ غَيَايَةٌ فَأَكْمِلُوا ثَلاَثِينَ (2) .
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى هِيَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ إِذَا كَانَتِ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً وَلَمْ يُرَ الْهِلاَل لَيْلَةَ الثَّلاَثِينَ أُكْمِلَتْ عِدَّةُ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ يَوْمًا، فَإِذَا كَانَ فِي السَّمَاءِ قَتَرٌ أَوْ غَيْمٌ وَلَمْ يُرَ الْهِلاَل، قُدِّرَ شَعْبَانُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَصِيمَ يَوْمُ الثَّلاَثِينَ (يَوْمُ الشَّكِّ) احْتِيَاطًا بِنِيَّةِ رَمَضَانَ، وَاسْتَدَلُّوا
__________
(1) حديث ابن عباس: " صوموا لرؤيته ". أخرجه النسائي (4 / 136 - ط المكتبة التجارية) والحاكم (1 / 425 - ط دائرة المعارف العثمانية) واللفظ للنسائي، وصححه الحاكم. ووافقه الذهبي.
(2) حديث: " لا تصوموا قبل رمضان، صوموا للرؤية. . " أخرجه النسائي (4 / 136 - ط المكتبة التجارية) والترمذي (3 / 63 - ط الحلبي) وقال: " حديث حسن صحيح ".
الصفحة 141