كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)
فِي يَدِهِ، لَمْ يُصَدَّقْ إِلاَّ بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ، فَإِنِ اسْتَنَدَتِ الْيَدُ إِلَى الْتِقَاطٍ فَكَذَلِكَ عَلَى الأَْظْهَرِ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفِ اسْتِنَادُهُ إِلَى الْتِقَاطٍ صُدِّقَ وَحُكِمَ لَهُ، كَمَا لَوِ ادَّعَى ثَوْبًا فِي يَدِهِ، فَلَوْ كَانَ مُمَيِّزًا فَالأَْصَحُّ يُحْكَمُ لَهُ بِرِقِّهِ، وَلاَ أَثَرَ لإِِنْكَارِهِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ كَالْبَالِغِ، ثُمَّ إِذَا بَلَغَ الصَّغِيرُ الَّذِي حُكِمَ بِرِقِّهِ وَأَنْكَرَ الرِّقَّ فَالأَْصَحُّ اسْتِمْرَارُ الرِّقِّ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِخِلاَفِهِ، وَالثَّانِي: يُصَدَّقُ مُنْكِرُ الرِّقِّ إِلاَّ أَنْ تَقُومَ بِهِ بَيِّنَةٌ (1) .
وَيَكْفِي فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الرِّقِّ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ (2) .
وَمَنِ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ عَبْدُهُ فَقَال الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: بَل أَنَا حُرٌّ، وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً، تَعَارَضَتَا وَتَسَاقَطَتَا. قَال الْبُهُوتِيُّ: وَيُخَلَّى سَبِيلُهُ، لأَِنَّ الأَْصْل الْحُرِّيَّةُ، وَالرِّقُّ طَارِئٌ وَلَمْ يَثْبُتْ (3) .
ثُبُوتُ الرِّقِّ بِالإِْقْرَارِ:
6 - قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا كَانَ صَبِيٌّ مَجْهُول النَّسَبِ فِي يَدِ رَجُلٍ وَهُوَ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ، أَيْ يَعْقِل فَحْوَى مَا يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ، وَادَّعَى الرَّجُل رِقَّهُ، فَقَال الصَّبِيُّ: أَنَا حُرٌّ، فَالْقَوْل قَوْلُهُ؛ لأَِنَّهُ فِي يَدِ نَفْسِهِ، وَلَوْ قَال: أَنَا عَبْدٌ لِفُلاَنٍ - لِغَيْرِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ -
__________
(1) روضة الطالبين 12 / 77، 78.
(2) روضة الطالبين 11 / 255، والمنهاج وشرحه للمحلي 3 / 128.
(3) كشاف القناع 6 / 397.
فَهُوَ لِلَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ؛ لأَِنَّهُ أَقَرَّ بِالرِّقِّ، وَإِنْ كَانَ لاَ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَهُوَ لِلَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ.
وَأَمَّا الصَّبِيُّ الَّذِي يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ إِذَا أَقَرَّ بِالرِّقِّ وَهُوَ مَجْهُول النَّسَبِ فَهُوَ رَقِيقٌ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى مَنْ كَانَ عِنْدَ إِقْرَارِهِ بَالِغًا (1) .
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لاَ يَثْبُتُ الرِّقُّ بِإِقْرَارِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَيَثْبُتُ بِإِقْرَارِ الْبَالِغِ (2) لَكِنْ إِنْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ مَنْ هُوَ ثَابِتُ الْحُرِّيَّةِ لَمْ يَصِحَّ إِقْرَارُهُ، فَلَوْ أَقَرَّتْ حُرَّةٌ لِزَوْجِهَا بِأَنَّهَا أَمَتُهُ، فَبَاعَهَا لِلْجُوعِ وَالْغَلاَءِ، فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي، قَال الْمَالِكِيَّةُ: فَلاَ حَدَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَعْزِيرَ؛ لِعُذْرِهَا بِالْجُوعِ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى زَوْجِهَا بِالثَّمَنِ (3) . أَيْ لأَِنَّهَا حُرَّةٌ فَلاَ تُرَقُّ بِذَلِكَ.
مَنْ يَمْلِكُ الرَّقِيقَ، وَمَنْ لاَ يَمْلِكُهُ:
أَوَّلاً: الْكَافِرُ:
7 - لاَ يَجُوزُ لِلْكَافِرِ اسْتِدَامَةُ تَمَلُّكِ رَقِيقٍ مُسْلِمٍ اتِّفَاقًا. وَهَذَا الْحَقُّ لِلَّهِ تَعَالَى؛ لأَِنَّ الإِْسْلاَمَ يَعْلُو وَلاَ يُعْلَى، وَلِمَا فِيهِ مِنْ إِهَانَةِ الْمُسْلِمِ بِمِلْكِ الْكَافِرِ لَهُ. وَقِيَاسًا عَلَى تَحْرِيمِ نِكَاحِ الْكَافِرِ مُسْلِمَةً، بَل أَوْلَى.
وَقَدْ يَدْخُل الرَّقِيقُ الْمُسْلِمُ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ فِي
__________
(1) الهداية وفتح القدير 6 / 250.
(2) كشاف القناع 6 / 392.
(3) الزرقاني 7 / 80.
الصفحة 15