كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)
الْحِجَّةِ وَهُوَ يَوْمُ النَّحْرِ، وَعَلَيْهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ أَرْبَعَةُ أَعْمَالٍ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ: رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، ثُمَّ ذَبْحُ الْهَدْيِ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ وَالْقَارِنِ، ثُمَّ يَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ، ثُمَّ يَطُوفُ طَوَافَ الإِْفَاضَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدَّمَ السَّعْيَ عِنْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ فَإِنَّهُ يَسْعَى بَعْدَ طَوَافِ الإِْفَاضَةِ، وَيَتَوَجَّهُ الْحَاجُّ فَوْرَ وُصُولِهِ مِنًى إِلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَتَقَعُ آخِرَ مِنًى تُجَاهَ مَكَّةَ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْتَغِل بِشَيْءٍ آخَرَ قَبْل رَمْيِهَا، فَيَرْمِيهَا بَعْدَ دُخُول وَقْتِهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ يَرْمِيهَا وَاحِدَةً فَوَاحِدَةً يُكَبِّرُ مَعَ كُل حَصَاةٍ وَيَدْعُو، وَكَيْفَمَا أَمْسَكَ الْحَصَاةَ وَرَمَاهَا صَحَّ، دُونَ تَقْيِيدٍ بِهَيْئَةٍ، لَكِنْ لاَ يَجُوزُ وَضْعُ الْحَصَاةِ فِي الْمَرْمَى وَضْعًا، وَيُسَنُّ أَنْ يَرْمِيَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَيَمْتَدُّ وَقْتُ السُّنَّةِ إِلَى الزَّوَال، وَيُبَاحُ بَعْدَهُ إِلَى الْمَغْرِبِ.
15 - أَمَّا كَيْفِيَّةُ الرَّمْيِ فَهِيَ أَنْ يَبْعُدَ عَنِ الْجَمْرَةِ الَّتِي يَجْتَمِعُ فِيهَا الْحَصَى قَدْرَ خَمْسَةِ أَذْرُعٍ فَأَكْثَرَ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْحَنَفِيَّةُ، وَيُمْسِكَ بِالْحَصَاةِ بِطَرَفَيْ إِبْهَامِ وَمُسَبِّحَةِ يَدِهِ الْيُمْنَى، وَيَرْفَعَ يَدَهُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبِطَيْهِ، وَيَقْذِفَهَا وَيُكَبِّرَ. وَقِيل: يَضَعُ الْحَصَاةَ عَلَى ظَهْرِ إِبْهَامِهِ الْيُمْنَى وَيَسْتَعِينُ بِالْمُسَبِّحَةِ، وَقِيل: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَضَعَ الْحَصَاةَ بَيْنَ سَبَّابَتَيْ يَدَيْهِ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى وَيَرْمِيَ بِهَا (1) .
16 - أَمَّا صِيغَةُ التَّكْبِيرِ فَقَدْ جَاءَتْ فِي الْحَدِيثِ
__________
(1) ولتفصيل من أين يلتقط الحصى، تنظر الموسوعة 5 / 218.
مُطْلَقَةً " يُكَبِّرُ مَعَ كُل حَصَاةٍ " (1) . فَيَجُوزُ بِأَيِّ صِيغَةٍ مِنْ صِيَغِ التَّكْبِيرِ.
وَاخْتَارَ الْعُلَمَاءُ نَحْوَ هَذِهِ الصِّيغَةِ: بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، رَغْمًا لِلشَّيْطَانِ وَرِضًا لِلرَّحْمَنِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَسَعْيًا مَشْكُورًا، وَذَنْبًا مَغْفُورًا وَالْمُسْتَنَدُ فِي ذَلِكَ مَا وَرَدَ مِنَ الآْثَارِ الْكَثِيرَةِ عَنِ الصَّحَابَةِ (2) .
وَلَوْ رَمَى وَتَرَكَ الذِّكْرَ فَلَمْ يُكَبِّرْ وَلَمْ يَأْتِ بِأَيِّ ذِكْرٍ جَازَ، وَقَدْ أَسَاءَ لِتَرْكِهِ السُّنَّةَ.
وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ مَعَ أَوَّل حَصَاةٍ يَرْمِيهَا وَيَشْتَغِل بِالتَّكْبِيرِ.
وَيَنْصَرِفُ مِنَ الرَّمْيِ وَهُوَ يَقُول: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا، وَسَعْيًا مَشْكُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا.
وَوَقْتُ الرَّمْيِ فِي هَذِهِ الأَْيَّامِ بَعْدَ الزَّوَال، وَيُنْدَبُ تَقْدِيمُ الرَّمْيِ قَبْل صَلاَةِ الظُّهْرِ فِي الْمَذَاهِبِ الثَّلاَثَةِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يُقَدِّمُ صَلاَةَ الظُّهْرِ عَلَى الرَّمْيِ (3) .
__________
(1) حديث: " يكبر مع كل حصاة ". تقدم تخريجه ف / 6. وانظر فتح القدير 2 / 174.
(2) انظر طائفة منها في المغني 3 / 427 - 428، وقال الحنفية: " لو سبح مكان التكبير أو ذكر الله أو حمده أو وحده أجزأه، لأن المقصود من تكبيره صلى الله عليه وسلم الذكر ". الهداية 2 / 75، وانظر تحقيق الكمال بن الهمام وتعليقه على هذا في شرحه عليها.
(3) الشرح الكبير 2 / 52، والمجموع 8 / 179 (وقارن بمغني المحتاج 1 / 507) ، والفروع 8 / 518، ولباب المناسك بشرحه ص 162.
الصفحة 163