كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)

أَمَّا مَا وَرَدَ مِنْ رُكُوبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرَّمْيِ فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ " مَحْمُولٌ عَلَى رَمْيٍ لاَ رَمْيَ بَعْدَهُ، أَوْ عَلَى التَّعْلِيمِ لِيَرَاهُ النَّاسُ فَيَتَعَلَّمُوا مِنْهُ مَنَاسِكَ الْحَجِّ " وَالْجَوَابُ الثَّانِي أَوْلَى وَأَقْوَى، يَدُل عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الْيَوْمِ الأَْوَّل وَهُوَ رَاكِبٌ: لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ.

آثَارُ الرَّمْيِ:
يَتَرَتَّبُ عَلَى رَمْيِ الْجِمَارِ أَحْكَامٌ هَامَّةٌ فِي الْحَجِّ، سِوَى بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ مِنْ وُجُوبِهِ، وَهَذِهِ الآْثَارُ هِيَ:

أ - أَثَرُ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ:
19 - يَتَرَتَّبُ عَلَى رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ التَّحَلُّل الأَْوَّل مِنْ إِحْرَامِ الْحَجِّ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، خِلاَفًا لِلْحَنَفِيَّةِ الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ التَّحَلُّل الأَْوَّل يَكُونُ بِالْحَلْقِ، وَعَلَى تَفْصِيلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (ر: مُصْطَلَحَ إحْرَام ف 122 - 125) .

ب - أَثَرُ رَمْيِ الْجِمَارِ يَوْمَيِ التَّشْرِيقِ: النَّفْرُ الأَْوَّل:
20 - إِذَا رَمَى الْحَاجُّ الْجِمَارَ أَوَّل وَثَانِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْفِرَ، أَيْ يَرْحَل إِنْ أَحَبَّ التَّعَجُّل فِي الاِنْصِرَافِ مِنْ مِنًى، هَذَا هُوَ النَّفْرُ الأَْوَّل، وَبِهَذَا النَّفْرِ يَسْقُطُ رَمْيُ الْيَوْمِ الأَْخِيرِ،
وَهُوَ قَوْل عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ تَعَجَّل فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} (1) .
وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمُرَ الدِّيلِيِّ الصَّحِيحِ: قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيَّامُ مِنًى ثَلاَثَةٌ: فَمَنْ تَعَجَّل فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ (2) .

ج - أَثَرُ الرَّمْيِ ثَالِثَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ: النَّفْرُ الثَّانِي:
21 - إِذَا رَمَى الْحَاجُّ الْجِمَارَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ انْصَرَفَ مِنْ مِنًى إِلَى مَكَّةَ، وَلاَ يُقِيمُ بِمِنًى بَعْدَ رَمْيِهِ هَذَا الْيَوْمَ، وَيُسَمَّى هَذَا النَّفْرُ النَّفْرَ الثَّانِيَ، وَالْيَوْمُ يَوْمَ النَّفْرِ الثَّانِي، وَهُوَ آخِرُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَبِهِ يَنْتَهِي وَقْتُ رَمْيِ الْجِمَارِ، وَيَفُوتُ عَلَى مَنْ لاَ يَتَدَارَكُهُ قَبْل غُرُوبِ شَمْسِ هَذَا الْيَوْمِ، وَبِهِ تَنْتَهِي مَنَاسِكُ مِنًى.

حُكْمُ تَرْكِ الرَّمْيِ:
22 - يَلْزَمُ مَنْ تَرَكَ الرَّمْيَ بِغَيْرِ عُذْرٍ الإِْثْمُ وَوُجُوبُ الدَّمِ، وَإِنْ تَرَكَهُ بِعُذْرٍ لاَ يَأْثَمُ، لَكِنْ لاَ يَسْقُطُ الدَّمُ عَنْهُ، وَلَوْ تَرَكَ حَصَاةً وَاحِدَةً عِنْدَ
__________
(1) سورة البقرة / 203.
(2) حديث: " أيام منى ثلاثة " أخرجه أحمد (4 / 309 - ط الميمنية) والحاكم (1 / 464 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه الذهبي.

الصفحة 165