كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)
اتِّخَاذُ الْحَيَوَانِ هَدَفًا يُرْمَى إِلَيْهِ:
26 - يَحْرُمُ اتِّخَاذُ شَيْءٍ فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا. فَقَدْ قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تَتَّخِذُوا شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا (1) . أَيْ لاَ تَتَّخِذُوا الْحَيَوَانَ الْحَيَّ غَرَضًا تَرْمُونَ إِلَيْهِ كَالْغَرَضِ مِنَ الْجُلُودِ وَغَيْرِهَا، وَهَذَا النَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ لأَِنَّهُ أَصْلُهُ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ مَرَّ بِنَفَرٍ قَدْ نَصَبُوا دَجَاجَةً يَتَرَامَوْنَهَا، فَلَمَّا رَأَوُا ابْنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا عَنْهَا. فَقَال ابْنُ عُمَرَ: مَنْ فَعَل هَذَا؟ إِنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ مَنْ فَعَل هَذَا (2)
وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَال: دَخَلْتُ مَعَ جَدِّي أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ دَارَ الْحَكَمِ بْنِ أَيُّوبَ فَإِذَا قَوْمٌ قَدْ نَصَبُوا دَجَاجَةً يَرْمُونَهَا. قَال: فَقَال أَنَسٌ: نَهَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ (3) .
قَال الْعُلَمَاءُ: صَبْرُ الْبَهَائِمِ أَنْ تُحْبَسَ وَهِيَ حَيَّةٌ لِتُقْتَل بِالرَّمْيِ وَنَحْوِهِ.
__________
(1) حديث: " لا تتخذوا شيئًا فيه الروح غرضًا ". أخرجه مسلم (2 / 1549 - ط الحلبي) من حديث ابن عباس
(2) حديث ابن عمر: " أنه مر بنفر قد نصبوا دجاجة يترامونها، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا عنها. فقال ابن عمر: من فعل هذا؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من فعل هذا ". أخرجه مسلم (3 / 1550 - ط الحلبي)
(3) حديث: " نهى أن تصبر البهائم ". أخرجه مسلم (3 / 1549 - ط الحلبي)
قَال الصَّنْعَانِيُّ وَغَيْرُهُ فِي وَجْهِ حِكْمَةِ النَّهْيِ: إِنَّ فِيهِ إِيلاَمًا لِلْحَيَوَانِ، وَتَضْيِيعًا لِمَالِيَّتِهِ، وَتَفْوِيتًا لِذَكَاتِهِ إِنْ كَانَ مِمَّا يُذَكَّى، وَلِمَنْفَعَتِهِ إِنْ كَانَ غَيْرَ مُذَكًّى (1) .
وَيُنْظَرُ بَحْثُ: (تَعْذِيب) .
(ثَالِثًا)
الرَّمْيُ فِي الْجِهَادِ
تَعَلُّمُ الرَّمْيِ:
27 - حَثَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ عَلَى الرَّمْيِ وَحَضَّهُمْ عَلَى مُوَاصَلَةِ التَّدَرُّبِ عَلَيْهِ، وَحَذَّرَ مَنْ تَعَلَّمَ الرَّمْيَ فَتَرَكَهُ، رَوَى سَلَمَةُ بْنُ الأَْكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. مَرَّ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيل فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، ارْمُوا، وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلاَنٍ. قَال: فَأَمْسَكَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ بِأَيْدِيهِمْ، فَقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا لَكُمْ لاَ تَرْمُونَ؟ قَالُوا: كَيْفَ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَهُمْ؟ فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ارْمُوا فَأَنَا مَعَكُمْ كُلُّكُمْ (2) .
وَفَسَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُوَّةَ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا فِي قَوْله تَعَالَى
__________
(1) صحيح مسلم بشرح النووي 13 / 107، 108، وسبل السلام 4 / 133، ونيل الأوطار 8 / 249 نشر دار الجيل، وعمدة القاري 21 / 124
(2) حديث: " ارموا بني إسماعيل ". أخرجه البخاري (الفتح 6 / 91 - ط السلفية)
الصفحة 168