كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)

رَهْنِهِ إِيَّاهُ غِبْطَةٌ ظَاهِرَةٌ أَوْ ضَرُورَةٌ (1) .
وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ الصَّبِيَّ الْمَأْذُونَ يَجُوزُ لَهُ الرَّهْنُ وَالاِرْتِهَانُ؛ لأَِنَّ الرَّهْنَ مِنْ تَوَابِعِ التِّجَارَةِ فَيَمْلِكُهُ مَنْ يَمْلِكُ التِّجَارَةَ.
وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ وَالسَّفِيهَ يَصِحُّ رَهْنُهُمَا وَيَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إِجَازَةِ الْوَلِيِّ (2) .

ج - الْمَرْهُونُ بِهِ:
8 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ بِكُل حَقٍّ لاَزِمٍ فِي الذِّمَّةِ، أَوْ آيِلٍ إِلَى اللُّزُومِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي بَعْضِ التَّفَاصِيل.
فَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُشْتَرَطُ فِيمَا يَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ بِهِ ثَلاَثَةُ شُرُوطٍ:
1 - أَنْ يَكُونُ دَيْنًا، فَلاَ يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ بِالأَْعْيَانِ مَضْمُونَةً كَانَتْ أَوْ أَمَانَةً، وَسَوَاءٌ كَانَ ضَمَانُ الْعَيْنِ بِحُكْمِ الْعَقْدِ أَوْ بِحُكْمِ الْيَدِ، كَالْمُسْتَعَارِ، وَالْمَأْخُوذِ بِالسَّوْمِ، وَالْمَغْصُوبِ، وَالأَْمَانَاتِ الشَّرْعِيَّةِ كَالْوَدِيعَةِ وَنَحْوِهَا، وَقَالُوا: لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ الرَّهْنَ فِي الْمُدَايَنَةِ فَلاَ يَثْبُتُ فِي غَيْرِهَا؛ وَلأَِنَّ الأَْعْيَانَ لاَ تُسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ، وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِقَرْضِ الرَّهْنِ عِنْدَ بَيْعِهِ.
2 - أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ ثَابِتًا، فَلاَ يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ
__________
(1) نهاية المحتاج 4 / 236، المغني 4 / 364، كشاف القناع 3 / 322
(2) البدائع 5 / 135، والخرشي 5 / 236
بِمَا لَيْسَ بِثَابِتٍ، وَإِنْ وُجِدَ سَبَبُ وُجُوبِهِ، فَلاَ يَصِحُّ بِمَا سَيُقْرِضُهُ غَدًا، أَوْ نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ غَدًا؛ لأَِنَّ الرَّهْنَ وَثِيقَةُ حَقٍّ فَلاَ يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ، وَهُوَ رَأْيُ الْحَنَابِلَةِ.
3 - أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لاَزِمًا أَوْ آيِلاً إِلَى اللُّزُومِ، فَلاَ يَصِحُّ بِجَعْل الْجِعَالَةِ قَبْل الْفَرَاغِ مِنَ الْعَمَل؛ لأَِنَّهُ لاَ فَائِدَةَ فِي الْوَثِيقَةِ مَعَ تَمَكُّنِ الْمَدْيُونِ مِنْ إِسْقَاطِهَا.
فَيَصِحُّ عِنْدَهُمْ أَخْذُ الرَّهْنِ بِكُل حَقٍّ لاَزِمٍ فِي الذِّمَّةِ ثَابِتٍ غَيْرِ مُعَرَّضٍ لِلإِْسْقَاطِ مِنَ الرَّاهِنِ، كَدَيْنِ السَّلَمِ، وَعِوَضِ الْقَرْضِ، وَثَمَنِ الْمَبِيعَاتِ، وَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ، وَالْمَهْرِ، وَعِوَضِ الْخُلْعِ غَيْرِ الْمُعَيَّنَيْنِ، وَالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ بَعْدَ حُلُول الْحَوْل، وَالأُْجْرَةِ فِي إِجَارَةِ الْعَيْنِ (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ بِجَمِيعِ الأَْثْمَانِ الْوَاقِعَةِ فِي جَمِيعِ الْبُيُوعَاتِ، إِلاَّ الصَّرْفَ، وَرَأْسَ مَال السَّلَمِ؛ لأَِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِمَا التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ، وَيَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ بِدَيْنِ السَّلَمِ وَالْقَرْضِ، وَالْمَغْصُوبِ، وَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ، وَأَرْشِ الْجِنَايَاتِ فِي الأَْمْوَال، وَجِرَاحِ الْعَمْدِ الَّذِي لاَ قَوَدَ فِيهِ كَالْمَأْمُومَةِ، وَالْجَائِفَةِ، وَارْتِهَانٌ قَبْل الدَّيْنِ مِنْ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ، وَمَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ مِنَ الأُْجْرَةِ بِسَبَبِ عَمَلٍ يَعْمَلُهُ الأَْجِيرُ لَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ دَابَّتِهِ،
__________
(1) روضة الطالبين 4 / 53، أسنى المطالب 2 / 150، نهاية المحتاج 4 / 248

الصفحة 178