كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)
وَمَا يَلْزَمُ بِسَبَبِ جِعَالَةِ مَا يَلْزَمُ بِالْعَارِيَّةِ الْمَضْمُونَةِ (1) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ بِعِوَضِ الْقَرْضِ وَإِنْ كَانَ قَبْل ثُبُوتِهِ، بِأَنْ يَرْهَنَهُ لِيُقْرِضَهُ مَبْلَغًا مِنَ النُّقُودِ فِي الشَّهْرِ الْقَادِمِ، فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ كَانَ مَضْمُونًا بِمَا وَعَدَ مِنَ الدَّيْنِ، وَبِرَأْسِ مَال السَّلَمِ، وَثَمَنِ الصَّرْفِ، وَالْمُسَلَّمِ فِيهِ، فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي الْمَجْلِسِ تَمَّ الصَّرْفُ وَالسَّلَمُ، وَصَارَ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا حَقَّهُ حُكْمًا، وَإِنِ افْتَرَقَا قَبْل نَقْدٍ (قَبْضٍ) أَوْ هَلاَكٍ بَطَلاَ.
وَيَجُوزُ الرَّهْنُ بِالأَْعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِعَيْنِهَا كَالْمَغْصُوبَةِ، وَبَدَل الْخُلْعِ، وَالصَّدَاقِ، وَبَدَل الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ؛ لأَِنَّ الضَّمَانَ مُتَقَرِّرٌ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ قَائِمًا وَجَبَ تَسْلِيمُهُ، وَإِنْ كَانَ هَالِكًا تَجِبُ قِيمَتُهُ، فَكَانَ رَهْنًا بِمَا هُوَ مَضْمُونٌ.
أَمَّا الأَْعْيَانُ الْمَضْمُونَةُ بِغَيْرِهَا كَالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَالأَْمَانَاتِ الشَّرْعِيَّةِ كَالْوَدَائِعِ، وَالْعَوَارِيِّ، وَالْمُضَارَبَاتِ، وَمَال الشَّرِكَةِ، فَلاَ يَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ بِهَا (2) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَصِحُّ الرَّهْنُ بِكُل دَيْنٍ وَاجِبٍ أَوْ مَآلُهُ إِلَى الْوُجُوبِ، كَقَرْضٍ، وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ، وَثَمَنٍ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَعَلَى الْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ
__________
(1) بداية المجتهد 2 / 244، بلغة السالك 2 / 116
(2) حاشية الطحطاوي 4 / 240، الهداية 4 / 133
كَالْمَغْصُوبِ وَالْعَوَارِيِّ، وَالْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ، وَالْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ.
لأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الرَّهْنِ الْوَثِيقَةُ بِالْحَقِّ، وَهُوَ حَاصِلٌ، فَإِنَّ الرَّهْنَ بِهَذِهِ الأَْعْيَانِ يَحْمِل الرَّاهِنَ عَلَى أَدَائِهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ أَدَاؤُهَا اسْتَوْفَى بَدَلَهَا مِنْ ثَمَنِ الرَّهْنِ، فَأَشْبَهَتْ مَا فِي الذِّمَّةِ.
وَيَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ عَلَى مَنْفَعَةٍ إِجَارَةً فِي الذِّمَّةِ، كَمَنِ اسْتُؤْجِرَ لِبِنَاءِ دَارٍ، وَحَمْل شَيْءٍ مَعْلُومٍ إِلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ، فَإِنْ لَمْ يَعْمَل الأَْجِيرُ الْعَمَل بِيعَ الرَّهْنُ، وَاسْتُؤْجِرَ مِنْهُ مَنْ يَعْمَلُهُ. وَيَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ بِدِيَةٍ عَلَى عَاقِلَةٍ بَعْدَ حُلُول الْحَوْل لِوُجُوبِهَا، أَمَّا قَبْل حُلُول الْحَوْل فَلاَ يَصِحُّ لِعَدَمِ وُجُوبِهَا. وَلاَ يَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ عَلَى جُعْل الْجِعَالَةِ قَبْل الْعَمَل، وَلاَ عَلَى عِوَضِ مُسَابَقَةٍ قَبْل الْعَمَل لِعَدَمِ وُجُوبِ ذَلِكَ، وَلاَ يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ يَئُول إِلَى الْوُجُوبِ. وَبَعْدَ الْعَمَل جَازَ فِيهِمَا.
وَلاَ يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ بِعِوَضٍ غَيْرِ ثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ كَالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ كَقِطْعَةٍ مِنَ الذَّهَبِ جُعِلَتْ بِعَيْنِهَا ثَمَنًا، وَالأُْجْرَةِ الْمُعَيَّنَةِ فِي الإِْجَارَةِ، وَالْمَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا فِي الإِْجَارَةِ، كَدَارٍ مُعَيَّنَةٍ، وَدَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، لِحَمْل شَيْءٍ مُعَيَّنٍ إِلَى مَكَانٍ مَعْلُومٍ؛ لأَِنَّ الذِّمَّةَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا فِي هَذِهِ الصُّوَرِ حَقٌّ وَاجِبٌ، وَلاَ يَئُول إِلَى الْوُجُوبِ؛ وَلأَِنَّ الْحَقَّ يَتَعَلَّقُ بِأَعْيَانِ هَذِهِ الأَْشْيَاءِ (1) .
__________
(1) كشاف القناع 3 / 324، الإنصاف 5 / 137 - 138
الصفحة 179