كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مِنَ الْعَارِ أَنْ يَمْلِكَ الرَّجُل ابْنَ عَمِّهِ أَوْ بِنْتَ عَمِّهِ.
وَذَهَبَ الأَْوْزَاعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ إِلَى أَنَّ عَلَى سَيِّدِ الأَْمَةِ تَقْوِيمَ الْوَلَدِ، وَيُلْزَمُ أَبُوهُ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ، وَلاَ يُسْتَرَقُّ الْوَلَدُ أَصْلاً (1) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ وَأَبُو عُبَيْدٍ إِلَى أَنَّ الْعَرَبَ لاَ يُسْتَرَقُّ رِجَالُهُمْ.
قَال أَبُو عُبَيْدٍ: بِذَلِكَ مَضَتْ سُنَّةُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَرِقَّ أَحَدًا مِنْ ذُكُورِهِمْ.
قَال: وَكَذَلِكَ حَكَمَ عُمَرُ فِيهِمْ أَيْضًا حَتَّى رَدَّ سَبْيَ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ وَأَوْلاَدَ الإِْمَاءِ مِنْهُمْ أَحْرَارًا إِلَى عَشَائِرِهِمْ عَلَى فِدْيَةٍ يُؤَدُّونَهَا إِلَى الَّذِينَ أَسْلَمُوا وَهُمْ فِي أَيْدِيهِمْ. قَال: وَهَذَا مَشْهُورٌ مِنْ رَأْيِ عُمَرَ. وَرَوَى عَنْهُ الشَّعْبِيُّ أَنَّ عُمَرَ قَال: لَيْسَ عَلَى عَرَبِيٍّ مِلْكٌ. وَنُقِل عَنْهُ أَنَّهُ قَضَى بِفِدَاءِ مَنْ كَانَ فِي الرِّقِّ مِنْهُمْ (2) .

أَنْوَاعُ الرِّقِّ:
11 - الرَّقِيقُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ خَالِصًا لاَ شَائِبَةَ فِيهِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ شَائِبَةٌ. وَالرَّقِيقُ الْخَالِصُ، يُسَمَّى الْقِنَّ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ سَلَمًا لِمَالِكٍ وَاحِدٍ، وَإِمَّا
__________
(1) فتح الباري 5 / 170 - 173، وانظر القليوبي 3 / 249.
(2) الأموال لأبي عبيد ص 133 - 135 القاهرة سنة 1955م.
أَنْ يَكُونَ مُشْتَرَكًا وَهُوَ الَّذِي يَمْلِكُهُ شَرِيكَانِ أَوْ أَكْثَرُ.
وَالرَّقِيقُ الَّذِي فِيهِ شَائِبَةٌ هُوَ الَّذِي أَعْتَقَ بَعْضُهُ فِعْلاً، كَنِصْفِهِ أَوْ رُبُعِهِ، وَبَقِيَ سَائِرُهُ رَقِيقًا، وَيُسَمَّى الْمُبَعَّضَ، أَوِ انْعَقَدَ فِيهِ سَبَبُ التَّحْرِيرِ، وَهُوَ ثَلاَثَةُ أَصْنَافٍ: الأَْوَّل: أُمُّ الْوَلَدِ، وَهِيَ الْجَارِيَةُ إِذَا وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا، فَإِنَّهَا تَكُونُ بِالْوِلاَدَةِ مُسْتَحِقَّةً لِلْحُرِّيَّةِ بِوَفَاةِ سَيِّدِهَا.
وَالثَّانِي: الْمُكَاتَبُ، وَهُوَ مَنِ اشْتَرَى نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ بِمَالٍ مُنَجَّمٍ، فَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لِلْحُرِّيَّةِ بِمُجَرَّدِ تَمَامِ الأَْدَاءِ.
وَالثَّالِثُ: الْمُدَبَّرُ، وَالتَّدْبِيرُ أَنْ يَجْعَل السَّيِّدُ عَبْدَهُ مُعْتَقًا عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ، أَيْ بِمُجَرَّدِ وَفَاةِ السَّيِّدِ، وَفِي مَعْنَاهُ: الْمُوصَى بِعِتْقِهِ، وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ أَوْ أَجَلٍ.
وَهَذِهِ الأَْنْوَاعُ الثَّلاَثَةُ الْمِلْكُ فِيهَا كَامِلٌ، فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً جَازَ لِلسَّيِّدِ الْوَطْءُ.
وَلَكِنَّ الرِّقَّ فِيهَا نَاقِصٌ لاِنْعِقَادِ سَبَبِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِ، وَلِذَا لاَ يُجْزِئُ عِتْقُهُ عَنِ الْكَفَّارَةِ (1) .

وَفِيمَا يَلِي أَحْكَامُ الرَّقِيقِ الْقِنِّ، ثُمَّ أَحْكَامُ الْمُشْتَرَكِ وَالْمُبَعَّضِ.
أَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ، وَالْمُكَاتَبُ، وَالْمُدَبَّرُ، فَتُنْظَرُ أَحْكَامُهُمْ فِي (اسْتِيلاَد) ، (تَدْبِير) ، (مُكَاتَبَة) .
__________
(1) ابن عابدين 3 / 12.

الصفحة 18