كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)

نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ تَجِبُ الزَّكَاةُ إِذَا بَلَغَتْ نِصَابًا؛ لأَِنَّ الْمَالِكَ لِلأَْرْضِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي الْعُشْرِ وَالثِّمَارِ كَمَا يَقُول الْحَنَفِيَّةُ. وَعَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الزَّكَاةَ تُخْرَجُ أَوَّلاً بِمَعْرِفَةِ مَنْ يَلِي الْوَقْفَ، ثُمَّ يُفَرَّقُ الْبَاقِي عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ بِالاِجْتِهَادِ كَمَا يَقُول الْمَالِكِيَّةُ (1) .
وَإِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ مَاشِيَةً لِتَفْرِقَةِ لَبَنِهَا أَوْ صُوفِهَا أَوْ نَسْلِهَا، فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنِينَ. وَلاَ زَكَاةَ فِيهَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِنْ كَانَتْ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى مُعَيَّنٍ فَفِي الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: لاَ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَهُوَ اخْتِيَارُ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ لِضَعْفِ الْمِلْكِ (2) .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي (وَقْف) .

ب - الْوَصِيَّةُ:
7 - تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِغَلَّةِ الْعَبْدِ وَالدَّارِ وَالأَْرْضِ وَالشَّجَرِ لِمُعَيَّنٍ أَوْ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَسَوَاءٌ أَوْصَى
__________
(1) العناية بهامش فتح القدير 2 / 243، والبدائع 2 / 61، ومنح الجليل 4 / 77، والمجموع شرح المهذب 5 / 292، 457، والمغني 5 / 639
(2) الشرح الصغير وحاشية الصاوي 1 / 229 ط الحلبي، والمجموع 5 / 292، وشرح منتهى الإرادات 2 / 499
بِذَلِكَ مَعَ الرَّقَبَةِ أَوْ أَوْصَى بِالْغَلَّةِ فَقَطْ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتِ الْغَلَّةُ مَوْجُودَةً وَقْتَ الْوَصِيَّةِ، أَوْ كَانَتْ مَعْدُومَةً كَالْوَصِيَّةِ بِمَا تَحْمِل الشَّجَرَةُ مِنْ ثِمَارٍ، لأَِنَّ الْمَعْدُومَ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ بِعَقْدِ السَّلَمِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالإِْجَارَةِ وَالْوَقْفِ، فَكَذَا يَجُوزُ بِالْوَصِيَّةِ. وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ فِي الْجُمْلَةِ (1) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (وَصِيَّة) .

ج - الْمُسَاقَاةُ:
8 - الْمُسَاقَاةُ هِيَ أَنْ يَدْفَعَ الرَّجُل شَجَرَهُ إِلَى آخَرَ لِيَقُومَ بِسَقْيِهِ وَعَمَل سَائِرِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ لَهُ مِنْ ثَمَرِهِ.
وَالأَْصْل فِي جَوَازِهَا مَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: عَامَل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْل خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ (2) .
وَأَجَازَهَا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ اسْتِدْلاَلاً بِهَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَخَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فَلَمْ يُجِزْهَا، وَاسْتَدَل بِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَال: وَطَوَاعِيَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَنْفَعُ لَنَا، نَهَانَا أَنْ نُحَاقِل بِالأَْرْضِ فَنُكْرِيهَا عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالطَّعَامِ الْمُسَمَّى. وَأَمَرَ رَبَّ الأَْرْضِ أَنْ
__________
(1) الهداية 4 / 254 - 255 وجواهر الإكليل 2 / 317 ومغني المحتاج 3 / 45، والمغني 6 / 59.
(2) حديث: " عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر. . . " أخرجه البخاري (الفتح 5 / 10 - ط السلفية) .

الصفحة 209