كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)

لِلرَّقِيقِ مَالٌ، أَوِ اكْتَسَبَ مِنَ الْمُبَاحِ (1) .
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي أَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ أَوْ لاَ يَمْلِكُ كَمَا سَيَأْتِي، لَكِنْ عِنْدَ مَنْ قَال إِنَّهُ يَمْلِكُ فَلِسَيِّدِهِ انْتِزَاعُ مَا بِيَدِهِ مِنَ الْمَال مَتَى شَاءَ، وَقَدْ قَال اللَّهُ تَعَالَى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْدًا مَمْلُوكًا لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا} (2) .

15 - رَابِعًا: لِلسَّيِّدِ حَقُّ اسْتِغْلاَل مَمَالِيكِهِ، أَيْ أَنْ يَسْتَعْمِل السَّيِّدُ رَقِيقَهُ فِيمَا يُدِرُّ عَلَى السَّيِّدِ مَالاً، وَذَلِكَ بِأَنْ يُؤَجِّرَهُ فِيمَا شَاءَ مِنْ عَمَلٍ وَيَأْخُذَ السَّيِّدُ أَجْرَهُ، أَوْ يَأْذَنَ لَهُ إِنْ كَانَ ذَا صَنْعَةٍ كَحِدَادَةٍ أَوْ خِيَاطَةٍ فِي أَنْ يَعْمَل بِأَجْرٍ، وَكَذَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي تِجَارَةٍ أَوْ زِرَاعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا. وَمِنْ غَلَّةِ الأَْمَةِ وَلَدُهَا إِنْ زُوِّجَتْ، وَوُلِدَ عَلَى الرِّقِّ.
وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْمُرَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ بِالْكَسْبِ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ أَنْ يَتَكَسَّبَ بِمَا شَاءَ، غَيْرَ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ بِالْكَسْبِ أَمَةً لاَ صَنْعَةَ لَهَا، قَال عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي بَعْضِ خُطَبِهِ: لاَ تُكَلِّفُوا الأَْمَةَ غَيْرَ ذَاتِ الصَّنْعَةِ الْكَسْبَ، فَإِنَّكُمْ مَتَى كَلَّفْتُمُوهَا ذَلِكَ كَسَبْتِ بِفَرْجِهَا، وَلاَ تُكَلِّفُوا الصَّغِيرَ الْكَسْبَ، فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يَجِدْ سَرَقَ (3) . قَال الْبَاجِيُّ: أَيْ إِنَّهَا إِذَا أُلْزِمَتْ خَرَاجًا وَهِيَ لَيْسَتْ ذَاتَ صَنْعَةٍ تَصْنَعُهَا بِخَرَاجٍ، اضْطَرَّهَا ذَلِكَ لِلْكَسْبِ مِنْ أَيِّ
__________
(1) روضة الطالبين 6 / 187، وكشاف القناع 3 / 568.
(2) سورة النحل / 75.
(3) الموطأ وشرح الباجي 7 / 305.
وَجْهٍ أَمْكَنَهَا، وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا إِلَى أَنْ تَكْسِبَ بِفَرْجِهَا، وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ الصَّغِيرُ إِذَا كُلِّفَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْخَرَاجِ وَهُوَ لاَ يُطِيقُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا اضْطَرَّهُ إِلَى أَنْ يَتَخَلَّصَ مِمَّا لَزِمَهُ مِنَ الْخَرَاجِ بِأَنْ يَسْرِقَ.
وَمَا وَرَدَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَهَى عَنْ كَسْبِ الأَْمَةِ (1) فَلَيْسَ عَلَى إِطْلاَقِهِ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ مَرْفُوعًا: نَهَى عَنْ كَسْبِ الأَْمَةِ حَتَّى يُعْلَمَ مِنْ أَيْنَ هُوَ (2) . وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ نَهَى عَنْ كَسْبِ الأَْمَةِ إِلاَّ مَا عَمِلَتْ بِيَدِهَا (3) . وَقَال هَكَذَا بِيَدِهِ، نَحْوُ الْغَزْل وَالنَّفْشِ (4) .

الْمُخَارَجَةُ:
16 - الْمُخَارَجَةُ أَنْ يَضْرِبَ السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ أَوْ
__________
(1) حديث: " نهى عن كسب الأمة ". أخرجه البخاري (الفتح 4 / 426 - ط السلفية) من حديث أبي جحيفة.
(2) حديث: " نهى عن كسب الأمة حتى يعلم من أين هو ". أخرجه أبو داود (3 / 710 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وفي إسناده جهالة كما في فيض القدير للمناوي (6 / 338 - ط المكتبة التجارية) ولكن يشهد له الذي بعده.
(3) حديث: " نهى عن كسب الأمة إلا ما عملت بيدها ". أخرجه أبو داود (3 / 710 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (2 / 42 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.
(4) فتح الباري 4 / 427.

الصفحة 21