كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)

يَدُل عَلَى أَنَّ الْخِضَابَ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَيْهِمَا بَل يُشَارِكُهُمَا غَيْرُهُمَا مِنْ أَنْوَاعِ الْخِضَابِ فِي أَصْل الْحُسْنِ.
وَلِحَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ قَال: خَرَجَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى شِيخَةٍ مِنَ الأَْنْصَارِ بِيضٌ لِحَاهُمْ فَقَال: يَا مَعْشَرَ الأَْنْصَارِ حَمِّرُوا وَصَفِّرُوا وَخَالِفُوا أَهْل الْكِتَابِ (1) ، وَالصُّفْرَةُ هِيَ أَثَرُ الزَّعْفَرَانِ.
وَاتَّفَقَ الأَْئِمَّةُ عَلَى جَوَازِ خَضْبِ رَأْسِ الصَّبِيِّ بِالزَّعْفَرَانِ وَبِالْخَلُوقِ (قَال بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: هُوَ طِيبٌ مَائِعٌ فِيهِ صُفْرَةٌ) وَقَال ابْنُ حَجَرٍ: الْخَلُوقُ طِيبٌ يُصْنَعُ مِنْ زَعْفَرَانٍ وَغَيْرِهِ. (2)
وَفِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا وُلِدَ لأَِحَدِنَا غُلاَمٌ ذَبَحَ شَاةً وَلَطَّخَ رَأْسَهُ بِدَمِهَا، فَلَمَّا جَاءَ اللَّهُ بِالإِْسْلاَمِ كُنَّا نَذْبَحُ شَاةً وَنَحْلِقُ رَأْسَهُ وَنُلَطِّخُهُ بِزَعْفَرَانٍ (3)

جـ -
__________
(1) حديث: " يا معشر الأنصار حمروا وصفروا ". أخرجه أحمد (5 / 264 - ط الميمنية) وأورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (5 / 160 - ط القدسي) . وقال: " رجاله رجال الصحيح خلا القاسم وهو ثقة، وفيه كلام لا يضر ".
(2) ابن عابدين 5 / 271، البجيرمي على الخطيب 4 / 291، نهاية المحتاج 8 / 141، المصباح المنير (مادة: خلق) ، فتح الباري 9 / 333.
(3) حديث بريدة: " كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام. . . " أخرجه أبو داود (3 / 264 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (4 / 238 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.
تَزَعْفُرُ الرَّجُل:
4 - الأَْصْل جَوَازُ التَّزَعْفُرِ لِلْمَرْأَةِ. أَمَّا الرَّجُل فَقَدْ نَقَل الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَال: أَنْهَى الرَّجُل الْحَلاَل بِكُل حَالٍ أَنْ يَتَزَعْفَرَ، وَآمُرُهُ إِذَا تَزَعْفَرَ أَنْ يَغْسِلَهُ، وَأُرَخِّصُ فِي الْمُعَصْفَرِ، لأَِنَّنِي لَمْ أَجِدْ أَحَدًا يَحْكِي عَنْهُ إِلاَّ مَا قَال عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: نَهَانِي وَلاَ أَقُول نَهَاكُمْ (1) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: بِكَرَاهَةِ لُبْسِ الثِّيَابِ الْمَصْبُوغَةِ بِالزَّعْفَرَانِ وَالْمُعَصْفَرِ لِلرِّجَال لِلأَْحَادِيثِ الْوَارِدَةِ، (2) مِنْهَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: رَأَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ، فَقَال: إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلاَ تَلْبَسْهَا (3) .
وَقَدْ حَمَلُوا النَّهْيَ عَلَى الْكَرَاهَةِ لاَ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَهُوَ مَشْهُورٌ، لِقَوْل أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَثَرَ صُفْرَةٍ فَقَال: مَا هَذَا؟ قَال: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَال: بَارَكَ اللَّهُ
__________
(1) حديث علي: " نهاني ولا أقول نهاكم ". مقالة الشافعي التي نقلها عنه البيهقي ذكرها ابن حجر في الفتح (10 / 306 - ط السلفية) . والحديث أخرجه البيهقي (5 / 60 - ط دائرة المعارف العثمانية) وأصله في صحيح مسلم (1 / 349 - ط الحلبي) وغيره في المواضع مفرقًا.
(2) الفتاوى الهندية 5 / 332، المغني 1 / 585، شرح الموطأ 5 / 270.
(3) حديث عبد الله بن عمرو: " إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها ". أخرجه مسلم (3 / 1647 - ط الحلبي) .

الصفحة 223