كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)

عَقْلِهِ حَتَّى يُفِيقَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ (1) .
وَلأَِنَّهَا عِبَادَةٌ، فَلاَ تَتَأَدَّى إِلاَّ بِالاِخْتِيَارِ تَحْقِيقًا لِمَعْنَى الاِبْتِلاَءِ، وَلاَ اخْتِيَارَ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لِعَدَمِ الْعَقْل، وَقِيَاسًا عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَى الذِّمِّيِّ لأَِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْل الْعِبَادَةِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْعُشْرُ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْ أَرْضِهِمَا لأَِنَّهُ فِي مَعْنَى مُؤْنَةِ الأَْرْضِ، وَمَعْنَى الْعِبَادَةِ فِيهِ تَابِعٌ (2) . وَمِمَّا يَتَّصِل بِهَذَا زَكَاةُ مَال الْجَنِينِ مِنْ إِرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ، ذَكَرَ فِيهِ النَّوَوِيُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ طَرِيقَيْنِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا لاَ تَجِبُ، قَال: وَبِذَلِكَ قَطَعَ الْجُمْهُورُ؛ لأَِنَّ الْجَنِينَ لاَ يُتَيَقَّنُ حَيَاتُهُ وَلاَ يَوْثُقُ بِهَا، فَلاَ يَحْصُل تَمَامُ الْمِلْكِ وَاسْتِقْرَارُهُ، قَال: فَعَلَى هَذَا يَبْتَدِئُ حَوْل مَالِهِ مِنْ حِينِ يَنْفَصِل. (3)

ب - الزَّكَاةُ فِي مَال الْكَافِرِ:
12 - لاَ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي مَال الْكَافِرِ الأَْصْلِيِّ
__________
(1) حديث: " رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله. . . " أخرجه أبو داود (4 / 559 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (2 / 59 - ط دائر المعارف العثمانية) من حديث علي بن أبي طالب، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
(2) المغني 2 / 622، وفتح القدير والعناية على الهداية 1 / 483 وما بعدها، وبدائع الصنائع 2 / 4، 5 القاهرة، شركة المطبوعات العلمية، 1327 هـ، والدسوقي 1 / 455، والمجموع 5 / 329 - 331.
(3) المجموع 5 / 330.
اتِّفَاقًا، حَرْبِيًّا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا؛ لأَِنَّهُ حَقٌّ لَمْ يَلْتَزِمْهُ؛ وَلأَِنَّهَا وَجَبَتْ طُهْرَةً لِلْمُزَكِّي، وَالْكَافِرُ لاَ طُهْرَةَ لَهُ مَا دَامَ عَلَى كُفْرِهِ.
وَأَخَذَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الزَّكَاةَ مُضَاعَفَةً مِنْ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ عِنْدَمَا رَفَضُوا دَفْعَ الْجِزْيَةِ وَرَضُوا بِدَفْعِ الزَّكَاةِ (1) .
وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ يُصْرَفُ فِي مَصَارِفِ الْفَيْءِ؛ لأَِنَّهُ فِي حَقِيقَتِهِ جِزْيَةٌ، وَذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِلَى أَنَّهُ يُصْرَفُ فِي مَصَارِفِ الزَّكَاةِ وَهُوَ قَوْل أَبِي الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ.
أَمَّا الْمُرْتَدُّ، فَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنَ الزَّكَاةِ فِي إِسْلاَمِهِ، وَذَلِكَ إِذَا ارْتَدَّ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْل عَلَى النِّصَابِ لاَ يَسْقُطُ فِي قَوْل الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، لأَِنَّهُ حَقُّ مَالٍ فَلاَ يَسْقُطُ بِالرِّدَّةِ كَالدَّيْنِ، فَيَأْخُذُهُ الإِْمَامُ مِنْ مَالِهِ كَمَا يَأْخُذُ الزَّكَاةَ مِنَ الْمُسْلِمِ الْمُمْتَنِعِ، فَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ أَدَاؤُهَا.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ تَسْقُطُ بِالرِّدَّةِ الزَّكَاةُ الَّتِي وَجَبَتْ فِي مَال الْمُرْتَدِّ قَبْل الرِّدَّةِ، لأَِنَّ مِنْ شَرْطِهَا النِّيَّةَ عِنْدَ الأَْدَاءِ، وَنِيَّتُهُ الْعِبَادَةَ وَهُوَ كَافِرٌ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ، فَتَسْقُطُ بِالرِّدَّةِ كَالصَّلاَةِ، حَتَّى مَا كَانَ مِنْهَا زَكَاةَ الْخَارِجِ مِنَ الأَْرْضِ. (2)
__________
(1) وبناء على هذا قال الشافعية: لو قال قوم من الكفار: نؤدي الجزية باسم زكاة لا جزية، فللإمام إجابتهم إلى ذلك ويضعف عليهم الزكاة (شرح المنهاج 4 / 333) .
(2) فتح القدير 2 / 13، والمغني 8 / 514.

الصفحة 233