كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)

التَّامِّ: وَهُوَ مَا كَانَ فِي يَدِ مَالِكِهِ يَنْتَفِعُ بِهِ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ.
وَالْمِلْكُ النَّاقِصُ يَكُونُ فِي أَنْوَاعٍ مِنَ الْمَال مُعَيَّنَةٍ، مِنْهَا:
1 - مَال الضِّمَارِ: وَهُوَ كُل مَالٍ مَالِكُهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى الاِنْتِفَاعِ بِهِ لِكَوْنِ يَدِهِ لَيْسَتْ عَلَيْهِ، فَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَصَاحِبَيْهِ، وَهُوَ مُقَابِل الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ لاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ، كَالْبَعِيرِ الضَّال، وَالْمَال الْمَفْقُودِ، وَالْمَال السَّاقِطِ فِي الْبَحْرِ، وَالْمَال الَّذِي أَخَذَهُ السُّلْطَانُ مُصَادَرَةً، وَالدَّيْنِ الْمَجْحُودِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ بَيِّنَةٌ، وَالْمَال الْمَغْصُوبِ الَّذِي لاَ يَقْدِرُ صَاحِبُهُ عَلَى أَخْذِهِ، وَالْمَسْرُوقِ الَّذِي لاَ يَدْرِي مَنْ سَرَقَهُ، وَالْمَال الْمَدْفُونِ فِي الصَّحْرَاءِ إِذَا خَفِيَ عَلَى الْمَالِكِ مَكَانُهُ، فَإِنْ كَانَ مَدْفُونًا فِي الْبَيْتِ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، أَيْ لأَِنَّهُ فِي مَكَانٍ مَحْدُودٍ.
وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَال: لَيْسَ فِي مَال الضِّمَارِ زَكَاةٌ
وَلأَِنَّ الْمَال إِذَا لَمْ يَكُنْ الاِنْتِفَاعُ بِهِ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ مَقْدُورًا لاَ يَكُونُ الْمَالِكُ بِهِ غَنِيًّا. قَالُوا:
وَهَذَا بِخِلاَفِ ابْنِ السَّبِيل (أَيِ الْمُسَافِرِ عَنْ وَطَنِهِ) فَإِنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي مَالِهِ؛ لأَِنَّ مَالِكَهُ يَقْدِرُ عَلَى الاِنْتِفَاعِ بِهِ، وَكَذَا الدَّيْنُ الْمُقَرُّ بِهِ إِذَا كَانَ عَلَى مَلِيءٍ (1) .
__________
(1) بدائع الصنائع 2 / 9، والمغني 3 / 48.
وَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ الْمَال الضَّائِعَ وَنَحْوَهُ كَالْمَدْفُونِ فِي صَحْرَاءَ إِذَا ضَل صَاحِبُهُ عَنْهُ أَوْ كَانَ بِمَحَلٍّ لاَ يُحَاطُ بِهِ، فَإِنَّهُ يُزَكَّى لِعَامٍ وَاحِدٍ إِذَا وَجَدَهُ صَاحِبُهُ وَلَوْ بَقِيَ غَائِبًا عَنْهُ سِنِينَ (1) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي الْمَال الضَّائِعِ وَلَكِنْ لاَ يَجِبُ دَفْعُهَا حَتَّى يَعُودَ الْمَال. فَإِنْ عَادَ يُخْرِجُهَا صَاحِبُهُ عَنِ السَّنَوَاتِ الْمَاضِيَةِ كُلِّهَا؛ لأَِنَّ السَّبَبَ الْمِلْكُ، وَهُوَ ثَابِتٌ. قَالُوا: لَكِنْ لَوْ تَلِفَ الْمَال، أَوْ ذَهَبَ وَلَمْ يَعُدْ سَقَطَتِ الزَّكَاةُ. وَكَذَا عِنْدَهُمُ الْمَال الَّذِي لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ لاِنْقِطَاعِ خَبَرِهِ، أَوِ انْقِطَاعِ الطَّرِيقِ إِلَيْهِ (2) .
وَالْمَال الْمَوْرُوثُ صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهُ لاَ زَكَاةَ فِيهِ إِلاَّ بَعْدَ قَبْضِهِ، يَسْتَقْبِل بِهِ الْوَارِثُ حَوْلاً، وَلَوْ كَانَ قَدْ أَقَامَ سِنِينَ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْوَارِثُ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ. (3)
الزَّكَاةُ فِي مَال الأَْسِيرِ، وَالْمَسْجُونِ وَنَحْوِهِ:
19 - مَنْ كَانَ مَأْسُورًا أَوْ مَسْجُونًا قَدْ حِيل بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ وَالاِنْتِفَاعِ بِهِ، ذَكَرَ ابْنُ قُدَامَةَ أَنَّ ذَلِكَ لاَ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ لَوْ تَصَرَّفَ فِي مَالِهِ بِبَيْعٍ وَهِبَةٍ وَنَحْوِهِمَا نَفَذَ، وَكَذَا
__________
(1) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 1 / 457، 458.
(2) شرح المنهاج وحاشية القليوبي 2 / 39، 40، والمغني 3 / 48.
(3) الدسوقي 1 / 458.

الصفحة 237