كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)

الْمَذْهَبِ، إِلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وُجُودُ النِّصَابِ فِي جَمِيعِ الْحَوْل مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ، فَلَوْ نَقَصَ فِي بَعْضِهِ وَلَوْ يَسِيرًا انْقَطَعَ الْحَوْل فَلَمْ تَجِبِ الزَّكَاةُ فِي آخِرِهِ. قَالُوا: فَلَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً فَمَاتَتْ فِي الْحَوْل وَاحِدَةٌ ثُمَّ وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ انْقَطَعَ الْحَوْل. فَإِنْ كَانَ الْمَوْتُ وَالنِّتَاجُ فِي لَحْظَةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يَنْقَطِعْ، كَمَا لَوْ تَقَدَّمَ النِّتَاجُ عَلَى الْمَوْتِ، وَاحْتَجُّوا بِعُمُومِ حَدِيثِ لاَ زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُول عَلَيْهِ الْحَوْل (1) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ طَرَفَا الْحَوْل، فَإِنْ تَمَّ النِّصَابُ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ وَلَوْ نَقَصَ الْمَال عَنِ النِّصَابِ فِي أَثْنَائِهِ، مَا لَمْ يَنْعَدِمِ الْمَال كُلِّيَّةً، فَإِنِ انْعَدَمَ لَمْ يَنْعَقِدِ الْحَوْل إِلاَّ عِنْدَ تَمَامِ النِّصَابِ، وَسَوَاءٌ انْعَدَمَ لِتَلَفِهِ، أَوْ لِخُرُوجِهِ عَنْ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِلزَّكَاةِ، كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ نِصَابُ سَائِمَةٍ فَجَعَلَهَا فِي الْحَوْل عَلُوفَةً.
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِذَا وُجِدَ النِّصَابُ لِحَوْلٍ كَامِلٍ إِلاَّ أَنَّهُ نَقَصَ نَقْصًا يَسِيرًا كَسَاعَةٍ أَوْ سَاعَتَيْنِ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ. (2) وَلَوْ زَال مِلْكُ الْمَالِكِ لِلنِّصَابِ فِي الْحَوْل بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ عَادَ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ اسْتَأْنَفَ الْحَوْل
__________
(1) حديث: لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول " تقدم تخريجه ف / 14.
(2) المغني 2 / 629، وابن عابدين 2 / 33، والدسوقي مع الشرح الكبير 1 / 431.
لاِنْقِطَاعِ الْحَوْل الأَْوَّل بِمَا فَعَلَهُ، (1) لَكِنْ إِنْ فَعَل ذَلِكَ حِيلَةً فَفِي انْقِطَاعِ الْحَوْل خِلاَفٌ يُنْظَرُ فِي مَا سَبَقَ تَحْتَ عِنْوَانِ (الْحِيَل لإِِسْقَاطِهَا) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الشَّرْطَ أَنْ يَحُول الْحَوْل عَلَى مِلْكِ النِّصَابِ أَوْ مِلْكِ أَصْلِهِ، فَالأَْوَّل كَمَا لَوْ كَانَ يَمْلِكُ أَرْبَعِينَ شَاةً تَمَامَ الْحَوْل، وَالثَّانِي كَمَا لَوْ مَلَكَ عِشْرِينَ شَاةً مِنْ أَوَّل الْحَوْل فَحَمَلَتْ وَوَلَدَتْ فَتَمَّتْ بِذَلِكَ أَرْبَعِينَ قَبْل تَمَامِ الْحَوْل، فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي النَّوْعَيْنِ عِنْدَ حَوْل الأَْصْل.
وَمِثَالُهُ أَيْضًا، أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ دِينَارُ ذَهَبٍ فَيَشْتَرِي بِهِ سِلْعَةً لِلتِّجَارَةِ فَيَبِيعُهَا بِعِشْرِينَ دِينَارًا قَبْل تَمَامِ الْحَوْل، فَفِيهَا الزَّكَاةُ عِنْدَمَا يَحُول الْحَوْل عَلَى مِلْكِهِ لِلدِّينَارِ، وَاَلَّذِي يُضَمُّ إِلَى أَصْلِهِ فَيَتِمُّ بِهِ النِّصَابُ هُوَ نِتَاجُ السَّائِمَةِ وَرِبْحُ التِّجَارَةِ، بِخِلاَفِ الْمَال الْمُسْتَفَادِ بِطَرِيقٍ آخَرَ كَالْعَطِيَّةِ وَالْمِيرَاثِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِل بِهَا حَوْلَهَا (2)

. الشَّرْطُ السَّابِعُ: الْفَرَاغُ مِنَ الدَّيْنِ:
33 - وَهَذَا الشَّرْطُ مُعْتَبَرٌ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَمِنْهُمْ الشَّافِعِيُّ فِي قَدِيمِ قَوْلَيْهِ، وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الدَّيْنَ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ.
فَإِنْ زَادَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى الْمَالِكِ عَمَّا بِيَدِهِ فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ، وَكَذَا إِنْ لَمْ يَبْقَ بِيَدِهِ بَعْدَمَا يَسُدُّ بِهِ
__________
(1) شرح المنهاج 2 / 14.
(2) الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 431، 461، 462.

الصفحة 245