كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)

الْقِسْمُ الثَّانِي

الأَْصْنَافُ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَأَنْصِبَتُهَا
وَمَقَادِيرُ الزَّكَاةِ فِي كُلٍّ مِنْهَا
أَوَّلاً: زَكَاةُ الْحَيَوَانِ:
38 - أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الإِْبِل وَالْبَقَرَ وَالْغَنَمَ هِيَ مِنَ الأَْصْنَافِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِأَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ، مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَقَدِّمُ فِي مَسْأَلَةِ الْحُكْمِ التَّكْلِيفِيِّ لِلزَّكَاةِ، وَفِي الْخَيْل خِلاَفٌ، وَأَمَّا الْبِغَال وَالْحَمِيرُ وَغَيْرُهَا مِنْ أَصْنَافِ الْحَيَوَانِ فَلَيْسَ فِيهَا زَكَاةٌ مَا لَمْ تَكُنْ لِلتِّجَارَةِ (1) .

شُرُوطُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْحَيَوَانِ:
يُشْتَرَطُ فِي الْمَاشِيَةِ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا تَمَامُ الْحَوْل، وَكَوْنُهَا نِصَابًا فَأَكْثَرَ، بِالإِْضَافَةِ إِلَى سَائِرِ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمِ بَيَانُهَا لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الأَْمْوَال عَامَّةً عَلَى التَّفْصِيل الْمُتَقَدِّمِ.
وَيُشْتَرَطُ هُنَا شَرْطَانِ آخَرَانِ:
39 - الأَْوَّل: السَّوْمُ: وَمَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ غِذَاؤُهَا عَلَى الرَّعْيِ مِنْ نَبَاتِ الْبَرِّ، فَلَوْ كَانَتْ مَعْلُوفَةً لَمْ تَجِبْ فِيهَا الزَّكَاةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّ فِي الْمَعْلُوفَةِ تَتَرَاكَمُ الْمَئُونَةُ، فَيَنْعَدِمُ النَّمَاءُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِمَا فِي حَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ
__________
(1) الهداية على البداية مع فتح القدير 1 / 504.
مَرْفُوعًا: فِي كُل سَائِمَةِ إِبِلٍ فِي كُل أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ (1) . وَحَدِيثِ: فِي كُل خَمْسٍ مِنَ الإِْبِل السَّائِمَةِ شَاةٌ (2) .
فَدَل بِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّ الْمَعْلُوفَةَ لاَ زَكَاةَ فِيهَا.
ثُمَّ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِهَذَا، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ السَّائِمَةَ هِيَ الَّتِي تَكْتَفِي بِالرَّعْيِ فِي أَكْثَرِ الْحَوْل، فَلَوْ عَلَفَهَا صَاحِبُهَا نِصْفَ الْحَوْل أَوْ أَكْثَرَ كَانَتْ مَعْلُوفَةً وَلَمْ تَجِبْ زَكَاتُهَا لأَِنَّ الْقَلِيل تَابِعٌ لِلْكَثِيرِ؛ وَلأَِنَّ أَصْحَابَ السَّوَائِمِ لاَ يَجِدُونَ بُدًّا مِنْ أَنْ يَعْلِفُوا سَوَائِمَهُمْ فِي بَعْضِ الأَْوْقَاتِ كَأَيَّامِ الْبَرْدِ وَالثَّلْجِ (3) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى الأَْصَحِّ إِلَى أَنَّ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ هِيَ الَّتِي تَرْعَى كُل الْحَوْل، وَكَذَا إِنْ عُلِفَتْ قَدْرًا قَلِيلاً تَعِيشُ بِدُونِهِ بِلاَ ضَرَرٍ بَيِّنٍ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، فَإِنْ عُلِفَتْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلاَ زَكَاةَ فِيهَا (4) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي الأَْنْعَامِ
__________
(1) حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: " في كل سائمة إبل في كل أربعين بنت لبون ". أخرجه أبو داود (2 / 233 - تحقيق عزت عبيد دعاس) .
(2) حديث: " في كل خمس من الإبل السائمة شاة ". أخرجه الحاكم (1 / 396 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث عمرو بن حزم، وصححه الإمام أحمد كما في نصب الراية (2 / 368 - ط المجلس العلمي) .
(3) الهداية وفتح القدير 1 / 509، والمغني 2 / 577.
(4) شرح المنهاج والقليوبي عليه 2 / 14.

الصفحة 250