كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)

غَيْرِ السَّائِمَةِ كَوُجُوبِهَا فِي السَّائِمَةِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ مَعْلُوفَةً كُل الْحَوْل. قَالُوا: وَالتَّقْيِيدُ فِي الْحَدِيثِ بِالسَّائِمَةِ لأَِنَّ السَّوْمَ هُوَ الْغَالِبُ عَلَى مَوَاشِي الْعَرَبِ، فَهُوَ قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لاَ مَفْهُومَ لَهُ. نَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ} (1) فَإِنَّهَا تَحْرُمُ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِي الْحِجْرِ (2) .
40 - الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ لاَ تَكُونَ عَامِلَةً، فَالإِْبِل الْمُعَدَّةُ لِلْحَمْل وَالرُّكُوبِ، وَالنَّوَاضِحُ، وَبَقَرُ الْحَرْثِ وَالسَّقْيِ لاَ زَكَاةَ فِيهَا وَلَوْ كَانَتْ سَائِمَةً.
هَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْصَحِّ وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ (3) ، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ: لَيْسَ فِي الْعَوَامِل وَالْحَوَامِل وَالْبَقَرِ الْمُثِيرَةِ شَيْءٌ (4) . وَالْحَوَامِل هِيَ الْمُعَدَّةُ لِحَمْل الأَْثْقَال، وَالْبَقَرُ الْمُثِيرَةُ هِيَ بَقَرُ الْحَرْثِ الَّتِي تُثِيرُ
__________
(1) سورة النساء / 23.
(2) الدسوقي على الشرح الكبير وتقرير الشيخ عليش 1 / 432.
(3) شرح فتح القدير 1 / 509، وشرح المنهاج مع القليوبي 2 / 15، والمغني 2 / 576.
(4) حديث: " ليس في العوامل والحوامل والبقرة المثيرة شيء ". أورده ابن الهمام في شرح فتح القدير (1 / 509 - ط الميمنية) ولم يعزه لأحد، وذكره الزبيدي في عقود الجواهر المنيفة (ص 106 - ط مطبعة الشبان بمصر) بلفظ: " ليس في العوامل والحوامل صدقة "، وعزاه إلى مسند أبي حنيفة، ونقل عن ابن حجر أنه لم ير لفظة " الحوامل " في الحديث.
الأَْرْضَ، وَلِحَدِيثِ: لَيْسَ فِي الْبَقَرِ الْعَوَامِل شَيْءٌ (1) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ قَوْلٌ آخَرُ لِلشَّافِعِيَّةِ: إِلَى أَنَّ الْعَمَل لاَ يَمْنَعُ الزَّكَاةَ فِي الْمَاشِيَةِ لِعُمُومِ قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي كُل خَمْسِ ذَوْدٍ شَاةٌ (2) .
وَلأَِنَّ اسْتِعْمَال السَّائِمَةِ زِيَادَةُ رِفْقٍ وَمَنْفَعَةٍ تَحْصُل لِلْمَالِكِ فَلاَ يَقْتَضِي ذَلِكَ مَنْعَ الزَّكَاةِ، بَل تَأْكِيدَ إِيجَابِهَا (3) .
41 - الشَّرْطُ الثَّالِثُ: بُلُوغُ السَّاعِي إِنْ كَانَ هُنَاكَ سَاعٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سَاعٍ فَلاَ يُشْتَرَطُ هَذَا الشَّرْطُ بَل يُكْتَفَى بِمُرُورِ الْحَوْل.
وَهَذَا الشَّرْطُ لِلْمَالِكِيَّةِ خَاصَّةً.
وَبَنَوْا عَلَيْهِ أَنَّهُ إِذَا مَاتَ شَيْءٌ مِنَ الْمَوَاشِي أَوْ ضَاعَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنَ الْمَالِكِ بَعْدَ الْحَوْل وَقَبْل مَجِيءِ السَّاعِي فَلاَ زَكَاةَ فِيهِ، وَإِنَّمَا يُزَكَّى الْبَاقِي إِنْ كَانَ فِيهِ الزَّكَاةُ وَإِلاَّ فَلاَ. وَلَوْ مَاتَ رَبُّ الْمَاشِيَةِ قَبْل بُلُوغِ السَّاعِي فَلاَ زَكَاةَ، وَيَسْتَقْبِل الْوَارِثُ
__________
(1) حديث: " ليس في البقر العوامل شيء ". أخرجه أبو داود (2 / 229 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والدارقطني (2 / 103 - ط دار المحاسن) من حديث علي بن أبي طالب، واللفظ للدارقطني وصححه ابن القطان كما في نصب الراية (2 / 353 - ط المجلس العلمي) .
(2) حديث: " في كل خمس ذود شاة ". أخرجه أحمد (1 / 11 - ط الميمنية) من حديث أنس، وإسناده صحيح.
(3) الدسوقي مع الشرح الكبير 1 / 432.

الصفحة 251