كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)

أَوْ إِبَائِهِ فَطَلَبَ الْمَمْلُوكُ بَيْعَهُ أُجْبِرَ السَّيِّدُ عَلَى ذَلِكَ، وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ الْقَاضِيَ يَبِيعُ مَال السَّيِّدِ فِي نَفَقَةِ رَقِيقِهِ. وَلاَ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ عَبِيدِهِ فِي النَّفَقَةِ، وَلاَ بَيْنَ الْجَوَارِي، بَل يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُنَّ لِلاِسْتِمْتَاعِ فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَزِيدَهَا فِي النَّفَقَةِ (1) . وَهَذَا كُلُّهُ تَفْصِيل الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ.
وَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ إِذَا مَرِضَ الْمَمْلُوكُ أَوْ زَمِنَ أَوْ عَمِيَ، وَانْقَطَعَ كَسْبُهُ، فَعَلَى سَيِّدِهِ الإِْنْفَاقُ عَلَيْهِ، وَالْقِيَامُ بِهِ؛ لأَِنَّ نَفَقَتَهُ تَجِبُ بِالْمِلْكِ لاَ بِالْعَمَل، وَلِذَا تَجِبُ مَعَ الصِّغَرِ (2) .
وَلاَ تَسْقُطُ نَفَقَةُ الرَّقِيقِ بِإِبَاقِهِ أَوْ عِصْيَانِهِ أَوْ حَبْسِهِ أَوْ نُشُوزِ الأَْمَةِ (3) .
وَلَوِ امْتَنَعَ السَّيِّدُ عَنِ الإِْنْفَاقِ فَقَدَرَ الْعَبْدُ عَلَى أَخْذِ قَدْرِ كِفَايَتِهِ مِنْ مَال سَيِّدِهِ فَلَهُ ذَلِكَ (4) .
وَيَلْزَمُ السَّيِّدَ نَفَقَةُ تَجْهِيزِ رَقِيقِهِ إِذَا مَاتَ وَدَفْنُهُ (5) .
وَتُسْتَحَبُّ مُدَاوَاهُ الرَّقِيقِ إِذَا مَرِضَ وَمَا لَزِمَ مِنْ أُجْرَةِ الطَّبِيبِ وَثَمَنِ الدَّوَاءِ فَهُوَ عَلَى السَّيِّدِ، وَيَجِبُ خِتَانُ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَخْتُونًا مِنْهُمْ، وَهَذَا عِنْدَ
__________
(1) المغني 7 / 630، 632، وكشاف القناع 5 / 488، والمحلي على المنهاج 4 / 93، وروضة الطالبين 9 / 115 - 118، والزرقاني 4 / 259، 260.
(2) المغني 7 / 631.
(3) كشاف القناع 5 / 488.
(4) كشاف القناع 5 / 489.
(5) كشاف القناع 2 / 104، 5 / 489.
مَنْ قَال بِوُجُوبِ الْخِتَانِ (1) . (ر: خِتَان)

25 - ثَانِيًا: ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ إِعْفَافُ مَمَالِيكِهِ ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إِنَاثًا إِذَا طَلَبُوا ذَلِكَ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْكِحُوا الأَْيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} (2) وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ. " مَنْ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ فَلَمْ يُزَوِّجْهَا وَلَمْ يُصِبْهَا، أَوْ عَبْدٌ فَلَمْ يُزَوِّجْهُ فَمَا صَنَعَا مِنْ شَيْءٍ كَانَ عَلَى السَّيِّدِ فَلَوْلاَ وُجُوبُ إِعْفَافِهِمَا لَمَا لَحِقَ السَّيِّدَ إِثْمٌ بِفِعْلِهِمَا، وَلأَِنَّ النِّكَاحَ تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَةُ غَالِبًا وَيَتَضَرَّرُ بِفَوَاتِهِ وَيَتَعَرَّضُ بِمَنْعِهِ مِنْهُ لِلْفِتْنَةِ، فَأُجْبِرَ السَّيِّدُ عَلَيْهِ كَالنَّفَقَةِ، وَيَكُونُ الإِْعْفَافُ لِلذَّكَرِ بِتَزْوِيجِهِ أَوْ بِتَمْلِيكِهِ أَمَةً يَتَسَرَّاهَا عَلَى خِلاَفٍ فِي جَوَازِ تَسَرِّيهِ، يَأْتِي بَيَانُهُ، وَلِلأُْنْثَى بِتَزْوِيجِهَا أَوْ بِوَطْءِ سَيِّدِهَا لَهَا بِمَا يُغْنِيهَا عَنِ التَّزْوِيجِ؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ قَضَاءُ حَاجَتِهَا وَدَفْعُ شَهْوَتِهَا، فَلَمْ يَتَعَيَّنْ تَزْوِيجُهَا.
وَإِذَا كَانَ لِلْعَبْدِ زَوْجَةٌ فَعَلَى سَيِّدِهِ تَمْكِينُهُ مِنْ الاِسْتِمْتَاعِ بِهَا لَيْلاً؛ لأَِنَّ وُجُوبَ الإِْعْفَافِ يَقْتَضِي الإِْذْنَ فِي الاِسْتِمْتَاعِ الْمُعْتَادِ.
فَإِنِ امْتَنَعَ السَّيِّدُ مِنَ النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ أَوِ الإِْعْفَافِ الْوَاجِبِ بِمَا تَقَدَّمَ، سَوَاءٌ لِعَجْزِهِ أَوْ إِبَائِهِ فَطَلَبَ الْعَبْدُ أَوِ الْجَارِيَةُ أَنْ يُبَاعَ، وَجَبَ عَلَى السَّيِّدِ إِجَابَتُهُ إِلَى ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ، وَلِحَدِيثِ: تَقُول الْمَرْأَةُ: إِمَّا أَنْ تُطْعِمَنِي أَوْ تُطَلِّقَنِي، وَيَقُول
__________
(1) كشاف القناع 5 / 490.
(2) سورة النور / 32.

الصفحة 26