كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)
الدُّسُوقِيُّ: وَلأَِنَّ النِّيَّةَ سَبَبٌ ضَعِيفٌ تَنْقُل إِلَى الأَْصْل وَلاَ تَنْقُل عَنْهُ، وَالأَْصْل فِي الْعُرُوضِ الْقُنْيَةُ. وَقَال ابْنُ الْهُمَامِ: لَمَّا لَمْ تَكُنِ الْعُرُوض لِلتِّجَارَةِ خِلْقَةً فَلاَ تَصِيرُ لَهَا إِلاَّ بِقَصْدِهَا فِيهِ.
وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ مِمَّا يَحْتَاجُ لِلنِّيَّةِ مَا يَشْتَرِيهِ الْمُضَارِبُ، فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلتِّجَارَةِ مُطْلَقًا؛ لأَِنَّهُ لاَ يَمْلِكُ بِمَال الْمُضَارَبَةِ غَيْرَ الْمُتَاجَرَةِ بِهِ.
وَلَوْ أَنَّهُ آجَرَ دَارَهُ الْمُشْتَرَاةَ لِلتِّجَارَةِ بِعَرْضٍ، فَعِنْدَ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ لاَ يَكُونُ الْعَرْضُ لِلتِّجَارَةِ إِلاَّ بِنِيَّتِهَا، وَقَال بَعْضُهُمْ: هُوَ لِلتِّجَارَةِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ.
قَال الْمَالِكِيَّةُ: وَلَوْ قَرَنَ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ نِيَّةَ اسْتِغْلاَل الْعَرْضِ، بِأَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ شِرَائِهِ أَنْ يُكْرِيَهُ وَإِنْ وَجَدَ رِبْحًا بَاعَهُ، فَفِيهِ الزَّكَاةُ عَلَى الْمُرَجَّحِ عِنْدَهُمْ، وَكَذَا لَوْ نَوَى مَعَ التِّجَارَةِ الْقُنْيَةَ بِأَنْ يَنْوِيَ الاِنْتِفَاعَ بِالشَّيْءِ كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ أَوْ سُكْنَى الْمَنْزِل ثُمَّ إِنْ وَجَدَ رِبْحًا بَاعَهُ.
قَالُوا: فَإِنْ مَلَكَهُ لِلْقُنْيَةِ فَقَطْ، أَوْ لِلْغَلَّةِ فَقَطْ أَوْ لَهُمَا، أَوْ بِلاَ نِيَّةٍ أَصْلاً فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ (1) .
الشَّرْطُ الرَّابِعُ: بُلُوغُ النِّصَابِ:
84 - وَنِصَابُ الْعُرُوضِ بِالْقِيمَةِ، وَيُقَوَّمُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، فَلاَ زَكَاةَ فِي مَا يَمْلِكُهُ الإِْنْسَانُ مِنَ
__________
(1) ابن عابدين 2 / 10، 13، وفتح القدير 1 / 527، والشرح الكبير مع الدسوقي 1 / 472، 476، وشرح المنهاج 2 / 28، والمغني 3 / 31.
الْعُرُوضِ إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَقَل مِنْ نِصَابِ الزَّكَاةِ فِي الذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ، مَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ نِصَابٌ أَوْ تَكْمِلَةُ نِصَابٍ.
وَتُضَمُّ الْعُرُوضُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فِي تَكْمِيل النِّصَابِ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهَا.
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا تُقَوَّمُ بِهِ عُرُوضُ التِّجَارَةِ: بِالذَّهَبِ أَمْ بِالْفِضَّةِ.
فَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ عَلَيْهَا الْمَذْهَبُ، إِلَى أَنَّهَا تُقَوَّمُ بِالأَْحَظِّ لِلْفُقَرَاءِ، فَإِنْ كَانَ إِذَا قَوَّمَهَا بِأَحَدِهِمَا لاَ تَبْلُغُ نِصَابًا وَبِالآْخَرِ تَبْلُغُ نِصَابًا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ التَّقْوِيمُ بِمَا يَبْلُغُ نِصَابًا.
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: يُخَيَّرُ الْمَالِكُ فِيمَا يُقَوِّمُ بِهِ لأَِنَّ الثَّمَنَيْنِ فِي تَقْدِيرِ قِيَمِ الأَْشْيَاءِ بِهِمَا سَوَاءٌ (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَأَبُو يُوسُفَ: يُقَوِّمُهَا بِمَا اشْتَرَى بِهِ مِنَ النَّقْدَيْنِ، وَإِنِ اشْتَرَاهَا بِعَرْضٍ قَوَّمَهَا بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ فِي الْبَلَدِ، وَقَال مُحَمَّدٌ: يُقَوِّمُهَا بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ عَلَى كُل حَالٍ كَمَا فِي الْمَغْصُوبِ وَالْمُسْتَهْلَكِ.
وَلَمْ نَجِدْ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ تَعَرُّضًا لِمَا تُقَوَّمُ بِهِ السِّلَعُ، مَعَ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّهَا لاَ زَكَاةَ فِيهَا مَا لَمْ تَبْلُغْ نِصَابًا
. نَقْصُ قِيمَةِ التِّجَارَةِ فِي الْحَوْل عَنِ النِّصَابِ:
85 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْقَوْل
__________
(1) الهداية وفتح القدير 1 / 527، وشرح المنهاج 2 / 30، وشرح منتهى الإرادات 1 / 8، والمغني 3 / 33.
الصفحة 272
383