كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)

لِلأَْدْوِيَةِ كَالْحُلْبَةِ وَالشُّونِيزِ، لَكِنْ لَوْ قَصَدَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الأَْنْوَاعِ كُلِّهَا أَنْ يَشْغَل أَرْضَهُ بِهَا لأَِجْل الاِسْتِنْمَاءِ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ، فَالْمَدَارُ عَلَى الْقَصْدِ.
وَاحْتُجَّ بِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ (1) . فَإِنَّهُ عَامٌّ فَيُؤْخَذُ عَلَى عُمُومِهِ، وَلأَِنَّهُ يُقْصَدُ بِزِرَاعَتِهِ نَمَاءُ الأَْرْضِ وَاسْتِغْلاَلُهَا فَأَشْبَهَ الْحَبَّ.
وَذَهَبَ صَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ الزَّكَاةَ لاَ تَجِبُ إِلاَّ فِيمَا لَهُ ثَمَرَةٌ بَاقِيَةٌ حَوْلاً (2) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ، فَأَمَّا الثِّمَارُ فَلاَ يُؤْخَذُ مِنْ أَيِّ جِنْسٍ مِنْهَا زَكَاةٌ غَيْرُ التَّمْرِ وَالْعِنَبِ، وَأَمَّا الْحُبُوبُ، فَيُؤْخَذُ مِنَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالسُّلْتِ وَالذُّرَةِ وَالدُّخْنِ وَالأُْرْزِ وَالْعَلَسِ، وَمِنَ الْقَطَانِيِّ السَّبْعَةِ الْحِمَّصِ وَالْفُول وَالْعَدَسِ وَاللُّوبِيَا وَالتُّرْمُسِ وَالْجُلُبَّانِ وَالْبَسِيلَةِ، وَذَوَاتِ الزُّيُوتِ الأَْرْبَعِ الزَّيْتُونِ وَالسِّمْسِمِ وَالْقُرْطُمِ وَحَبِّ الْفُجْل. فَهِيَ كُلُّهَا عِشْرُونَ جِنْسًا، لاَ يُؤْخَذُ مِنْ شَيْءٍ سِوَاهَا زَكَاةٌ (3) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الزَّكَاةَ لاَ تَجِبُ فِي شَيْءٍ مِنَ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ إِلاَّ مَا كَانَ قُوتًا.
__________
(1) حديث: " فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريًا العشر ". أخرجه البخاري (الفتح 3 / 347 - ط السلفية) من حديث ابن عمر.
(2) ابن عابدين 2 / 49، 50.
(3) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 1 / 447.
وَالْقُوتُ هُوَ مَا بِهِ يَعِيشُ الْبَدَنُ غَالِبًا دُونَ مَا يُؤْكَل تَنَعُّمًا أَوْ تَدَاوِيًا، فَتَجِبُ الزَّكَاةُ مِنَ الثِّمَارِ فِي الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ خَاصَّةً، وَمِنَ الْحُبُوبِ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالأُْرْزِ وَالْعَدَسِ وَسَائِرِ مَا يُقْتَاتُ اخْتِيَارًا كَالذُّرَةِ وَالْحِمَّصِ وَالْبَاقِلاَءِ، وَلاَ تَجِبُ فِي السِّمْسِمِ وَالتِّينِ وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالرُّمَّانِ وَالتُّفَّاحِ وَنَحْوِهَا وَالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ وَالْقُرْطُمِ (1) .
وَذَهَبَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَلَيْهَا الْمَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي كُل مَا اسْتَنْبَتَهُ الآْدَمِيُّونَ مِنَ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ، وَكَانَ مِمَّا يَجْمَعُ وَصْفَيْنِ: الْكَيْل، وَالْيُبْسُ مَعَ الْبَقَاءِ (أَيْ إِمْكَانِيَّةِ الاِدِّخَارِ) وَهَذَا يَشْمَل أَنْوَاعًا سَبْعَةً:
الأَْوَّل: مَا كَانَ قُوتًا كَالأُْرْزِ وَالذُّرَةِ وَالدُّخْنِ.
الثَّانِي: الْقُطْنِيَّاتُ كَالْفُول وَالْعَدَسِ وَالْحِمَّصِ وَالْمَاشِّ وَاللُّوبِيَا.
الثَّالِثُ: الأَْبَازِيرُ، كَالْكُسْفَرَةِ وَالْكَمُّونِ وَالْكَرَاوْيَا.
الرَّابِعُ: الْبُذُورُ، وَبَذْرُ الْخِيَارِ، وَبَذْرُ الْبِطِّيخِ، وَبَذْرُ الْقِثَّاءِ، وَغَيْرِهَا مِمَّا يُؤْكَل، أَوْ لاَ يُؤْكَل كَبُذُورِ الْكَتَّانِ وَبُذُورِ الْقُطْنِ وَبُذُورِ الرَّيَاحِينِ.
الْخَامِسُ: حَبُّ الْبُقُول كَالرَّشَادِ وَحَبِّ الْفُجْل وَالْقُرْطُمِ وَالْحُلْبَةِ وَالْخَرْدَل.
__________
(1) شرح المنهاج وحاشية القليوبي 2 / 16.

الصفحة 279