كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)

عَلَى أَنَّهَا لَهُمْ وَلَنَا عَلَيْهَا الْخَرَاجُ، مَتَى أَسْلَمُوا سَقَطَ خَرَاجُهَا، وَوَجَبَ عَلَيْهِمْ فِي غَلَّتِهَا الزَّكَاةُ، فَإِنِ اشْتَرَاهَا مِنَ الذِّمِّيِّ مُسْلِمٌ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ فِيهَا، وَأَرْضُ الْعَنْوَةِ الَّتِي مَلَكَهَا الْمُسْلِمُونَ وَحِيزَتْ لِبَيْتِ الْمَال فَهَذِهِ عَلَيْهَا الْخَرَاجُ اتِّفَاقًا، سَوَاءٌ بَقِيَ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ عَلَى دِينِهِ أَوْ أَسْلَمَ أَوْ بَاعَهَا لِمُسْلِمٍ؛ لأَِنَّهُ خَرَاجٌ بِمَعْنَى الأُْجْرَةِ، وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ هَل يَجِبُ فِي غَلَّتِهَا إِنْ كَانَ صَاحِبُهَا مُسْلِمًا الزَّكَاةُ أَيْضًا، فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْخَرَاجَ يُؤَدَّى أَوَّلاً، ثُمَّ يُزَكَّى مَا بَقِيَ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ زَكَاةَ فِي غَلَّةِ الأَْرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْخَرَاجَ مَئُونَةُ الأَْرْضِ، وَالْعُشْرُ فِيهِ مَعْنَى الْمَئُونَةِ، فَلاَ يَجْتَمِعُ عُشْرٌ وَخَرَاجٌ (1) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (خَرَاج) .

ب - الأَْرْضُ الْمُسْتَعَارَةُ وَالْمُسْتَأْجَرَةُ:
109 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالصَّاحِبَانِ) إِلَى أَنَّ مَنِ اسْتَعَارَ أَرْضًا أَوِ اسْتَأْجَرَهَا فَزَرَعَهَا، فَالزَّكَاةُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ لأَِنَّ الْغَلَّةَ مِلْكُهُ، وَالْعِبْرَةُ فِي الزَّكَاةِ بِمِلْكِيَّةِ الثَّمَرَةِ لاَ بِمِلْكِيَّةِ الأَْرْضِ أَوِ الشَّجَرِ.
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ الْعُشْرَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ
__________
(1) المغني 2 / 726، 727، وابن عابدين 2 / 49، وشرح منتهى الإرادات 1 / 395.
لأَِنَّ الأَْرْضَ كَمَا تُسْتَنْمَى بِالزِّرَاعَةِ تُسْتَنْمَى بِالإِْجَارَةِ (1) .

ج - الأَْرْضُ الَّتِي تُسْتَغَل بِالْمُزَارَعَةِ أَوِ الْمُسَاقَاةِ:
110 - ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَالصَّاحِبَانِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْعُشْرَ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ عَلَى كُلٍّ مِنَ الْمَالِكِ وَالْعَامِل كُلٌّ بِحَسَبِ نَصِيبِهِ مِنَ الْغَلَّةِ إِنْ بَلَغَ نَصِيبُهُ نِصَابًا، وَمَنْ كَانَ نَصِيبُهُ مِنْهُمَا أَقَل مِنْ نِصَابٍ فَلاَ عُشْرَ عَلَيْهِ، مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ أَرْضٍ غَيْرِهَا مَا يُكَمِّل بِهِ النِّصَابَ. وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي لاَ تَجْعَل الْخُلْطَةَ مُؤَثِّرَةً فِي زَكَاةِ الزُّرُوعِ.
أَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَجْعَل الْخُلْطَةَ مُؤَثِّرَةً فِيهَا، فَإِذَا بَلَغَتْ غَلَّةُ الأَْرْضِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ يَكُونُ فِيهَا الزَّكَاةُ فَيُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ عُشْرُ نَصِيبِهِ، مَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا مِمَّنْ لاَ عُشْرَ عَلَيْهِ، كَالذِّمِّيِّ.
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْعُشْرُ فِي الْمُزَارَعَةِ عَلَى رَبِّ الأَْرْضِ؛ لأَِنَّ الْمُزَارَعَةَ عِنْدَهُ فَاسِدَةٌ، فَالْخَارِجُ مِنْهَا لَهُ، تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا (2) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّهُ يَجِبُ إِخْرَاجُ زَكَاةِ الْحَائِطِ (الْبُسْتَانِ) الْمُسَاقَى عَلَيْهِ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَرَةِ إِنْ بَلَغَتْ نِصَابًا، أَوْ كَانَ لِرَبِّ الْحَائِطِ مَا إِنْ ضَمَّهُ
__________
(1) الدر وابن عابدين 2 / 55، والدسوقي 1 / 447، والمغني 2 / 726.
(2) المغني 2 / 728، وابن عابدين 2 / 56.

الصفحة 285