كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)

إِلَيْهَا بَلَغَتْ نِصَابًا، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ، وَلاَ بَأْسَ أَنْ تُشْتَرَطَ الزَّكَاةُ فِي حَظِّ رَبِّ الْحَائِطِ أَوِ الْعَامِل؛ لأَِنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ سَاقَاهُ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطَا شَيْئًا فَشَأْنُ الزَّكَاةِ أَنْ يُبْدَأَ بِهَا ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ.
وَقَال اللَّخْمِيُّ نَقْلاً عَنْ مَالِكٍ: إِنَّ الْمُسَاقَاةَ تُزَكَّى عَلَى مِلْكِ رَبِّ الْحَائِطِ فَيَجِبُ ضَمُّهَا إِلَى مَالِهِ مِنْ ثَمَرٍ غَيْرِهَا، وَيُزَكِّي جَمِيعَهَا وَلَوْ كَانَ الْعَامِل مِمَّنْ لاَ تَجِبُ عَلَيْهِ، وَتَسْقُطُ إِنْ كَانَ رَبُّ الْحَائِطِ مِمَّنْ لاَ تَجِبُ عَلَيْهِ وَالْعَامِل مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ (1) .

د - الأَْرْضُ الْمَغْصُوبَةُ:
111 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ أَرْضًا عُشْرِيَّةً فَزَرَعَهَا إِنْ لَمْ تَنْقُصْهَا الزِّرَاعَةُ فَلاَ عُشْرَ عَلَى رَبِّ الأَْرْضِ، وَإِنْ نَقَصَتْهَا الزِّرَاعَةُ كَانَ الْعُشْرُ عَلَى رَبِّ الأَْرْضِ.
وَقَال قَاضِي خَانْ: أَرْضٌ خَرَاجُهَا وَظِيفَةٌ اغْتَصَبَهَا غَاصِبٌ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ جَاحِدًا وَلاَ بَيِّنَةَ لِلْمَالِكِ إِنْ لَمْ يَزْرَعْهَا الْغَاصِبُ فَلاَ خَرَاجَ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ زَرَعَهَا الْغَاصِبُ وَلَمْ تَنْقُصْهَا الزِّرَاعَةُ، فَالْخَرَاجُ عَلَى الْغَاصِبِ، وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ مُقِرًّا بِالْغَصْبِ أَوْ كَانَ لِلْمَالِكِ بَيِّنَةٌ وَلَمْ تَنْقُصْهَا الزِّرَاعَةُ فَالْخَرَاجُ عَلَى رَبِّ الأَْرْضِ، وَإِنْ
__________
(1) الحطاب والتاج والإكليل 5 / 380 - 381، وانظر المدونة 5 / 12.
نَقَصَتْهَا الزِّرَاعَةُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْخَرَاجُ عَلَى رَبِّ الأَْرْضِ قَل النُّقْصَانُ أَوْ كَثُرَ، كَأَنَّهُ آجَرَهَا مِنَ الْغَاصِبِ بِضَمَانِ النُّقْصَانِ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُنْظَرُ إِلَى الْخَرَاجِ وَالنُّقْصَانِ فَأَيُّهُمَا كَانَ أَكْثَرَ كَانَ ذَلِكَ عَلَى الْغَاصِبِ إِنْ كَانَ النُّقْصَانُ أَكْثَرَ مِنَ الْخَرَاجِ، فَمِقْدَارُ الْخَرَاجِ يُؤَدِّيهِ الْغَاصِبُ إِلَى السُّلْطَانِ وَيَدْفَعُ الْفَضْل إِلَى صَاحِبِ الأَْرْضِ، وَإِنْ كَانَ الْخَرَاجُ أَكْثَرَ يَدْفَعُ الْكُل إِلَى السُّلْطَانِ، وَمِنْ نَصِّهِمْ هَذَا فِي الْخَرَاجِ يُفْهَمُ مُرَادُهُمْ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْعُشْرِ (1) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ النَّخْل إِذَا غُصِبَتْ ثُمَّ رُدَّتْ بَعْدَ أَعْوَامٍ مَعَ ثَمَرَتِهَا، فَإِنَّهَا تُزَكَّى لِكُل عَامٍ بِلاَ خِلاَفٍ إِذَا لَمْ تَكُنْ زُكِّيَتْ أَيْ يُزَكَّى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا إِذَا رَدَّ الْغَاصِبُ جَمِيعَهَا. فَإِنْ رَدَّ بَعْضَ ثِمَارِهَا وَكَانَ حَصَل فِي كُل سَنَةٍ نِصَابٌ وَلَمْ يَرُدَّ جَمِيعَهُ بَل رَدَّ مِنْهُ قَدْرَ نِصَابٍ فَأَكْثَرَ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ قُسِمَ عَلَى سِنِينَ الْغَصْبِ لَمْ يَبْلُغْ كُل سَنَةٍ نِصَابًا فَفِي زَكَاتِهِ قَوْلاَنِ (2) .
وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ زَكَاةَ الزَّرْعِ عَلَى مَالِكِ الأَْرْضِ إِنْ تَمَلَّكَ الزَّرْعَ قَبْل وَقْتِ الْحَصَادِ وَبَعْدَ اشْتِدَادِهِ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ يَتَمَلَّكُهُ بِمِثْل بَذْرِهِ وَعِوَضِ لَوَاحِقِهِ، فَيَسْتَنِدُ مِلْكُهُ إِلَى أَوَّل زَرْعِهِ. أَمَّا إِنْ
__________
(1) الفتاوى الهندية 1 / 187، والفتاوى الخانية بهامش الهندية 1 / 271 - 272.
(2) الخرشي 2 / 180، والدسوقي 1 / 457.

الصفحة 286