كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)

حَصَدَ الْغَاصِبُ الزَّرْعَ بِأَنْ لَمْ يَتَمَلَّكْهُ رَبُّهَا قَبْل حَصَادِهِ، فَزَكَاةُ الزَّرْعِ عَلَى الْغَاصِبِ لاِسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ (1) .
وَلَمْ نَجِدْ لِلشَّافِعِيَّةِ نَصًّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

زَكَاةُ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ الْمَأْخُوذَيْنِ مِنَ الأَْرْضِ الْمُبَاحَةِ:
112 - مَنْ أَخَذَ مِنَ الأَْرْضِ الْمُبَاحَةِ مَا فِي جِنْسِهِ الزَّكَاةُ، وَبَلَغَ نِصَابًا. فَقَدْ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ إِلَى أَنَّهُ لاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ، وَهُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ. قَال الْحَنَابِلَةُ: لَكِنْ لَوْ زَرَعَ فِي أَرْضٍ مُبَاحَةٍ فَفِيهِ الزَّكَاةُ.
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى أَنَّ ثَمَرَ الْجِبَال وَالْمَفَاوِزِ فِيهِ الْعُشْرُ، إِنْ حَمَاهُ الإِْمَامُ أَيْ مِنْ أَهْل الْحَرْبِ وَالْبُغَاةِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ، وَلَوْ كَانَ الشَّجَرُ غَيْرَ مَمْلُوكٍ وَلَمْ يُعَالِجْهُ أَحَدٌ؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ النَّمَاءُ، وَقَدْ حَصَل بِأَخْذِهِ (2) .

خَرْصُ الثِّمَارِ إِذَا بَدَا صَلاَحُهَا:
113 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - خِلاَفًا لِلْحَنَفِيَّةِ - إِلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلإِْمَامِ إِذَا بَدَا صَلاَحُ الثِّمَارِ أَنْ يُرْسِل سَاعِيًا يَخْرُصُهَا - أَيْ يُقَدِّرُ كَمْ سَيَكُونُ مِقْدَارُهَا بَعْدَ الْجَفَافِ - لِيَعْرِفَ قَدْرَ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ عَلَى أَصْحَابِهَا، وَذَلِكَ لِمَعْرِفَةِ حَقِّ الْفُقَرَاءِ وَأَهْل
__________
(1) شرح المنتهى 1 / 395.
(2) الدر المختار وحاشية ابن عابدين 2 / 49، والدسوقي 1 / 447، والمغني 2 / 693، وشرح المنتهى 1 / 392.
اسْتِحْقَاقِ الزَّكَاةِ، وَلِلتَّوْسِعَةِ عَلَى أَهْل الثِّمَارِ لِيُخَلِّيَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا فَيَأْكُلُوا مِنْهَا رُطَبًا ثُمَّ يُؤَدُّونَ الزَّكَاةَ بِحِسَابِ الْخَرْصِ الْمُتَقَدِّمِ، وَذَلِكَ عِنْدَ جَفَافِ الثَّمَرِ.
وَلِمَعْرِفَةِ مُؤَهِّلاَتِ الْخَارِصِ، وَمَا يُرَاعِيهِ عِنْدَ الْخَرْصِ، وَمَعْرِفَةِ مَا يُخْرَصُ مِنَ الْغِلاَل وَمَا لاَ يُخْرَصُ، وَسَائِرِ أَحْكَامِ الْخَرْصِ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (خَرْص) .

الْحِيَل لإِِسْقَاطِ الزَّكَاةِ:
114 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ التَّحَيُّل لإِِسْقَاطِ الزَّكَاةِ:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمَالِكَ إِنْ فَعَل مَا تَسْقُطُ بِهِ الزَّكَاةُ عَنْهُ وَلَوْ بِنِيَّةِ الْفِرَارِ مِنْهَا سَقَطَتْ، وَمَثَّل لَهُ ابْنُ عَابِدِينَ بِمَنْ وَهَبَ النِّصَابَ قَبْل الْحَوْل بِيَوْمٍ، ثُمَّ رَجَعَ فِي هِبَتِهِ بَعْدَ الْحَوْل، وَكَذَا لَوْ وَهَبَهُ أَثْنَاءَ الْحَوْل ثُمَّ رَجَعَ أَثْنَاءَ الْحَوْل لاِنْقِطَاعِ الْحَوْل بِذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ وَهَبَ النِّصَابَ لاِبْنِهِ، أَوِ اسْتَبْدَل نِصَابَ السَّائِمَةِ بِآخَرَ.
ثُمَّ قَال أَبُو يُوسُفَ: لاَ يُكْرَهُ ذَلِكَ لأَِنَّهُ امْتِنَاعٌ عَنِ الْوُجُوبِ، لاَ إِبْطَالٌ لِحَقِّ الْغَيْرِ، وَقَال مُحَمَّدٌ: يُكْرَهُ لأَِنَّ فِيهِ إِضْرَارًا بِالْفُقَرَاءِ وَإِبْطَال حَقِّهِمْ مَآلاً. وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْل مُحَمَّدٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: الْفِرَارُ مَكْرُوهٌ فِي الْمُعْتَمَدِ، وَقَال الْغَزَالِيُّ: حَرَامٌ وَلاَ تَبْرَأُ بِهِ الذِّمَّةُ

الصفحة 287