كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)

كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَلِّي الْعُمَّال ذَلِكَ وَيَبْعَثُهُمْ إِلَى أَصْحَابِ الأَْمْوَال، فَقَدِ اسْتَعْمَل عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَيْهَا، وَوَرَدَ أَنَّهُ اسْتَعْمَل ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ (1) .
وَكَذَلِكَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ كَانُوا يُرْسِلُونَ سُعَاتِهِمْ لِقَبْضِهَا.
وَيُشْتَرَطُ فِي السَّاعِي مَا يَلِي:
1 - أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا، فَلاَ يَسْتَعْمِل عَلَيْهَا كَافِرًا لأَِنَّهَا وِلاَيَةٌ، وَفِيهَا تَعْظِيمٌ لِلْوَالِي.
2 - وَأَنْ يَكُونَ عَدْلاً، أَيْ ثِقَةً مَأْمُونًا، لاَ يَخُونُ وَلاَ يَجُورُ فِي الْجَمْعِ، وَلاَ يُحَابِي فِي الْقِسْمَةِ.
3 - وَأَنْ يَكُونَ فَقِيهًا فِي أُمُورِ الزَّكَاةِ، لأَِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى مَعْرِفَةِ مَا يُؤْخَذُ وَمَا لاَ يُؤْخَذُ، وَمُحْتَاجٌ إِلَى الاِجْتِهَادِ فِيمَا يَعْرِضُ لَهُ مِنْ وَقَائِعِ الزَّكَاةِ.
4 - وَأَنْ يَكُونَ فِيهِ الْكِفَايَةُ، وَهِيَ الْقُدْرَةُ عَلَى الْقِيَامِ بِالْعَمَل وَضَبْطِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَبَرِ.
5 - وَأَنْ لاَ يَكُونَ مِنْ آل الْبَيْتِ، وَفِي هَذَا الشَّرْطِ اخْتِلاَفٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ.
وَمَعْنَى اشْتِرَاطِهِ هُنَا عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِ لِلأَْخْذِ مِنْهَا مُقَابِل عَمَلِهِ فِيهَا، فَلَوْ عَمِل بِلاَ أَجْرٍ أَوْ أُعْطِيَ أَجْرَهُ مِنْ مَال الْفَيْءِ أَوْ غَيْرِهِ جَازَ، وَ (ر: آل، جِبَايَة) .
وَالسُّعَاةُ عَلَى الزَّكَاةِ أَنْوَاعٌ فَمِنْهُمُ الْجَابِي:
__________
(1) استعماله صلى الله عليه وسلم لابن اللتبية. أخرج حديثه البخاري (الفتح 5 / 220 - ط السلفية) من حديث أبي حميد الساعدي، ومسلم (3 / 1463 - ط الحلبي) .
وَهُوَ الْقَابِضُ لِلزَّكَاةِ، وَالْمُفَرِّقُ: وَهُوَ الْقَاسِمُ، وَالْحَاشِرُ: وَهُوَ الَّذِي يَجْمَعُ أَرْبَابَ الأَْمْوَال لِتُؤْخَذَ مِنْهُمُ الزَّكَاةُ، وَالْكَاتِبُ لَهَا (1) .
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إِمَامٌ، أَوْ كَانَ الإِْمَامُ لاَ يُرْسِل السُّعَاةَ لِجَبْيِ الزَّكَاةِ فَيَجِبُ عَلَى أَهْل الأَْمْوَال إِخْرَاجُهَا وَتَفْرِيقُهَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ؛ لأَِنَّهُمْ أَهْل الْحَقِّ فِيهَا وَالإِْمَامُ نَائِبٌ (2) .

مَوْعِدُ إِرْسَال السُّعَاةِ:
145 - الأَْمْوَال قِسْمَانِ: فَمَا كَانَ مِنْهَا لاَ يُشْتَرَطُ لِزَكَاتِهِ الْحَوْل كَالزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ وَالْمَعَادِنِ، فَهَذَا يُرْسِل الإِْمَامُ سُعَاتَهُ وَقْتَ وُجُوبِهَا، فَفِي الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ عِنْدَ إِدْرَاكِهَا بِحَيْثُ يَصِلُهُمْ وَقْتَ الْجُذَاذِ وَالْحَصَادِ.
وَهَذَا فِي غَيْرِ الْخَرْصِ، أَمَّا الْخَارِصُ فَيُرْسَل عِنْدَ بَدْءِ ظُهُورِ الصَّلاَحِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ: خَرْص) .
وَمَا كَانَ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحَوْل كَالْمَوَاشِي: فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُعَيِّنَ لَهُمْ شَهْرًا مُعَيَّنًا مِنَ السَّنَةِ الْقَمَرِيَّةِ يُرْسِل إِلَيْهِمْ فِيهِ السَّاعِيَ كُل عَامٍ (3) .
__________
(1) المجموع للنووي 6 / 167 - 169، والقليوبي 3 / 203، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 1 / 443، 495، والمغني 2 / 706، وابن عابدين 2 / 38.
(2) المجموع 6 / 178.
(3) المجموع 6 / 170. وشرح المنهاج بحاشية القليوبي 2 / 15 و3 / 203.

الصفحة 307