كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)

بَهَائِمِ الصَّدَقَةِ مِنَ الإِْبِل وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ لِتَتَمَيَّزَ عَنْ غَيْرِهَا؛ وَلِئَلاَّ تَضِيعَ، وَيَسِمُهَا بِالنَّارِ بِعَلاَمَةٍ خَاصَّةٍ، كَأَنْ تَكُونَ عَلاَمَةُ الْوَسْمِ (لِلَّهِ) لِمَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَال: وَافَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِيَدِهِ الْمِيسَمُ يَسِمُ إِبِل الصَّدَقَةِ (1) وَلآِثَارٍ وَرَدَتْ مِنْ فِعْل عُمَرَ وَغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ (2) .

بَيْتُ مَال الزَّكَاةِ:
151 - عَلَى الإِْمَامِ أَنْ يَتَّخِذَ بَيْتًا لأَِمْوَال الزَّكَاةِ تُحْفَظُ فِيهِ وَتُضْبَطُ إِلَى أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ صَرْفِهَا لأَِهْلِهَا (3) . وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: بَيْتُ الْمَال ".

تَصَرُّفَاتُ السَّاعِي فِي الزَّكَاةِ:
152 - إِذَا قَبَضَ السَّاعِي الزَّكَاةَ يُفَرِّقُهَا عَلَى مُسْتَحَقِّيهَا مِنْ أَهْل الْبَلَدِ الَّتِي جَمَعَهَا فِيهَا إِنْ كَانَ الإِْمَامُ أَذِنَ لَهُ فِي تَفْرِيقِهَا، فَلاَ يَنْقُلُهَا إِلَى أَبْعَدَ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، إِلاَّ أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا فُقَرَاءُ
__________
(1) حديث أنس: " وافيت النبي صلى الله عليه وسلم وبيده ميسم. . . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 366 - ط السلفية) ومسلم (4 / 1909 - ط الحلبي) ورواية مسلم مختصرة ليس فيها " يسم إبل الصدقة ".
(2) المجموع للنووي 6 / 175 - 177.
(3) الدر المختار وحاشية ابن عابدين 2 / 57، و3 / 282، والأحكام السلطانية للماوردي ص214 ط 1327 هـ، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص23، 24 نشر حامد الفقي، والدسوقي 1 / 495.
الْبَلَدِ، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ عُمَرَ بَعَثَ مُعَاذًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى الْيَمَنِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَال لَهُ: إِنِّي لَمْ أَبْعَثْكَ جَابِيًا وَلاَ آخِذَ جِزْيَةٍ وَلَكِنْ بَعَثْتُكَ لِتَأْخُذَ مِنْ أَغْنِيَاءِ النَّاسِ فَتَرُدَّ فِي فُقَرَائِهِمْ. فَقَال مُعَاذٌ: أَنَا مَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ بِشَيْءٍ وَأَنَا أَجِدُ أَحَدًا يَأْخُذُهُ مِنِّي. (1) فَلَوْ نَقَلَهَا فِي غَيْرِ تِلْكَ الْحَال فَفِيهِ خِلاَفٌ يَأْتِي.
وَلَيْسَ لِلسَّاعِي أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الزَّكَاةِ لِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ أَحَدُ أَصْنَافِ أَهْل الزَّكَاةِ، كَمَا لَوْ كَانَ غَارِمًا أَوْ فَقِيرًا. وَلاَ يَأْخُذُ إِلاَّ مَا أَعْطَاهُ الإِْمَامُ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْمَالِكِيَّةُ؛ لأَِنَّهُ يَقْسِمُ فَلاَ يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ.

153 - وَإِذَا تَلِفَ مِنْ مَال الزَّكَاةِ شَيْءٌ فِي يَدِ الإِْمَامِ أَوِ السَّاعِي ضَمِنَهُ إِنْ كَانَ ذَلِكَ بِتَفْرِيطٍ مِنْهُ بِأَنْ قَصَّرَ فِي حِفْظِهِ، وَكَذَا لَوْ عَرَفَ الْمُسْتَحِقِّينَ وَأَمْكَنَهُ التَّفْرِيقُ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَفْعَل حَتَّى تَلِفَتْ؛ لأَِنَّهُ مُتَعَدٍّ بِذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ وَلَمْ يُفَرِّطْ لَمْ يَضْمَنْ (2) .
قَال النَّوَوِيُّ: يَنْبَغِي لِلإِْمَامِ وَالسَّاعِي وَكُل مَنْ يُفَوَّضُ إِلَيْهِ أَمْرُ تَفْرِيقِ الصَّدَقَاتِ أَنْ يَعْتَنِيَ بِضَبْطِ الْمُسْتَحِقِّينَ، وَمَعْرِفَةِ أَعْدَادِهِمْ، وَأَقْدَارِ حَاجَاتِهِمْ، بِحَيْثُ يَقَعُ الْفَرَاغُ مِنْ جَمْعِ
__________
(1) المغني 2 / 672، 673، والمجموع 6 / 174.
(2) المجموع 2 / 175، والشرح الكبير والدسوقي 1 / 495.

الصفحة 310