كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)

لِلْعَاشِرِ عَلَى الأَْخْذِ مِنْهُ؛ لأَِنَّ وِلاَيَتَهُ عَلَى الظَّاهِرِ فَقَطْ.
وَيُشْتَرَطُ فِي الْعَاشِرِ مَا يُشْتَرَطُ فِي السَّاعِي كَمَا تَقَدَّمَ وَأَنْ يَأْمَنَ الْمُسَافِرُونَ بِحِمَايَتِهِ مِنَ اللُّصُوصِ (1) .

الْقِسْمُ الْخَامِسُ: مَصَارِفُ الزَّكَاةِ:
156 - مَصَارِفُ الزَّكَاةِ مَحْصُورَةٌ فِي ثَمَانِيَةِ أَصْنَافٍ.
وَالأَْصْنَافُ الثَّمَانِيَةُ قَدْ نَصَّ عَلَيْهَا الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيل اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيل فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاَللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (2) .
وَ " إِنَّمَا " الَّتِي صُدِّرَتْ بِهَا الآْيَةُ أَدَاةُ حَصْرٍ، فَلاَ يَجُوزُ صَرْفُ الزَّكَاةِ لأَِحَدٍ أَوْ فِي وَجْهٍ غَيْرِ دَاخِلٍ فِي هَذِهِ الأَْصْنَافِ، وَقَدْ أَكَّدَ ذَلِكَ مَا وَرَدَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَال: أَعْطِنِي مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَال: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِ نَبِيٍّ وَلاَ غَيْرِهِ فِي الصَّدَقَاتِ حَتَّى حَكَمَ فِيهَا هُوَ فَجَزَّأَهَا ثَمَانِيَةً، فَإِنْ كُنْتَ مِنْ تِلْكَ الأَْجْزَاءِ أَعْطَيْتُكَ حَقَّكَ (3) .
__________
(1) فتح القدير 1 / 530 - 532، وابن عابدين 2 / 38.
(2) سورة التوبة / 60.
(3) حديث: " إن الله لم يرض بحكم نبي. . . " أخرجه أبو داود (2 / 281 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وقال المنذري: " وفي إسناده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي، وقد تكلم فيه غير واحد " كذا في مختصر السنن (2 / 231 - نشر دار المعرفة) .
وَمَنْ كَانَ دَاخِلاً فِي هَذِهِ الأَْصْنَافِ فَلاَ يَسْتَحِقُّ مِنَ الزَّكَاةِ إِلاَّ بِأَنْ تَنْطَبِقَ عَلَيْهِ شُرُوطٌ مُعَيَّنَةٌ تَأْتِي بَعْدَ بَيَانِ الأَْصْنَافِ.

بَيَانُ الأَْصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ:
الصِّنْفَانِ الأَْوَّل وَالثَّانِي: الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ:
157 - الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ هُمْ أَهْل الْحَاجَةِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يَكْفِيهِمْ، وَإِذَا أُطْلِقَ لَفْظُ (الْفُقَرَاءِ) وَانْفَرَدَ دَخَل فِيهِمُ (الْمَسَاكِينُ) ، وَكَذَلِكَ عَكْسُهُ، وَإِذَا جُمِعَ بَيْنَهُمَا فِي كَلاَمٍ وَاحِدٍ، كَمَا فِي آيَةِ مَصَارِفِ الزَّكَاةِ، تَمَيَّزَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَعْنًى.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَيُّهُمَا أَشَدُّ حَاجَةً، فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْفَقِيرَ أَشَدُّ حَاجَةً مِنَ الْمِسْكِينِ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدَّمَ ذِكْرَهُمْ فِي الآْيَةِ، وَذَلِكَ يَدُل عَلَى أَنَّهُمْ أَهَمُّ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} (1) . فَأَثْبَتَ لَهُمْ وَصْفَ الْمَسْكَنَةِ مَعَ كَوْنِهِمْ يَمْلِكُونَ سَفِينَةً وَيُحَصِّلُونَ نَوْلاً، وَاسْتَأْنَسُوا لِذَلِكَ أَيْضًا بِالاِشْتِقَاقِ، فَالْفَقِيرُ لُغَةً: فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، وَهُوَ مَنْ نُزِعَتْ بَعْضُ فَقَارِ صُلْبِهِ، فَانْقَطَعَ ظَهْرُهُ،
__________
(1) سورة الكهف / 79.

الصفحة 312