كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)

يُمْسِكُ (1) فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنَ الْغَارِمِينَ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ سَوَاءٌ كَانَ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا؛ لأَِنَّهُ لَوِ اُشْتُرِطَ الْفَقْرُ فِيهِ لَقَلَّتِ الرَّغْبَةُ فِي هَذِهِ الْمَكْرُمَةِ، وَصُورَتُهَا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ قَبِيلَتَيْنِ أَوْ حَيَّيْنِ فِتْنَةٌ، يَكُونُ فِيهَا قَتْل نَفْسٍ أَوْ إِتْلاَفُ مَالٍ، فَيَتَحَمَّلُهُ لأَِجْل الإِْصْلاَحِ بَيْنَهُمْ، فَيُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ لِتَسْدِيدِ حَمَالَتِهِ، وَقَيَّدَ الْحَنَابِلَةُ الإِْعْطَاءَ بِمَا قَبْل الأَْدَاءِ الْفِعْلِيِّ، مَا لَمْ يَكُنْ أَدَّى الْحَمَالَةَ مِنْ دَيْنٍ اسْتَدَانَهُ؛ لأَِنَّ الْغُرْمَ يَبْقَى.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ يُعْطَى الْمُتَحَمِّل مِنَ الزَّكَاةِ إِلاَّ إِنْ كَانَ لاَ يَمْلِكُ نِصَابًا فَاضِلاً عَنْ دَيْنِهِ كَغَيْرِهِ مِنَ الْمَدِينِينَ (2) .
وَلَمْ يُصَرِّحِ الْمَالِكِيَّةُ بِحُكْمِ هَذَا الضَّرْبِ فِيمَا اطَّلَعْنَا عَلَيْهِ.

الضَّرْبُ الثَّالِثُ:
الْغَارِمُ بِسَبَبِ دَيْنِ ضَمَانٍ وَهَذَا الضَّرْبُ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنَ الضَّامِنِ وَالْمَضْمُونِ عَنْهُ مُعْسِرَيْنِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا فَفِي إِعْطَاءِ الضَّامِنِ مِنَ الزَّكَاةِ خِلاَفٌ عِنْدَهُمْ وَتَفْصِيلٌ.

الدَّيْنُ عَلَى الْمَيِّتِ:
171 م - إِنْ مَاتَ الْمَدِينُ وَلاَ وَفَاءَ فِي تَرِكَتِهِ لَمْ يَجُزْ
__________
(1) حديث: " إن المسألة لا تحل إلا لثلاثة ". سبق تخريجه ف / 165.
(2) المغني 6 / 433، وروضة الطالبين 2 / 318، والمجموع 6 / 206، وفتح القدير 2 / 17، مغني المحتاج 3 / 111.
عِنْدَ الْجُمْهُورِ سَدَادُ دَيْنِهِ مِنَ الزَّكَاةِ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُوَفَّى دَيْنُهُ مِنْهَا وَلَوْ مَاتَ، قَال بَعْضُهُمْ: هُوَ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ لِلْيَأْسِ مِنْ إِمْكَانِ الْقَضَاءِ عَنْهُ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (1) .
وَيَأْتِي بَيَانُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَيِّتِ تَفْصِيلاً.

الصِّنْفُ السَّابِعُ: فِي سَبِيل اللَّهِ.
وَهَذَا الصِّنْفُ ثَلاَثَةُ أَضْرُبٍ.
172 - الضَّرْبُ الأَْوَّل: الْغُزَاةُ فِي سَبِيل اللَّهِ تَعَالَى، وَاَلَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ نَصِيبٌ فِي الدِّيوَانِ، بَل هُمْ مُتَطَوِّعُونَ لِلْجِهَادِ. وَهَذَا الضَّرْبُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ، فَيَجُوزُ إِعْطَاؤُهُمْ مِنَ الزَّكَاةِ قَدْرَ مَا يَتَجَهَّزُونَ بِهِ لِلْغَزْوِ مِنْ مَرْكَبٍ وَسِلاَحٍ وَنَفَقَةٍ وَسَائِرِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْغَازِي لِغَزْوِهِ مُدَّةَ الْغَزْوِ وَإِنْ طَالَتْ.
وَلاَ يُشْتَرَطُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ فِي الْغَازِي أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا، بَل يَجُوزُ إِعْطَاءُ الْغَنِيِّ لِذَلِكَ، لأَِنَّهُ لاَ يَأْخُذُ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ، بَل لِحَاجَةِ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ الْفَقْرُ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ كَانَ الْغَازِي غَنِيًّا، وَهُوَ مَنْ يَمْلِكُ خَمْسِينَ دِرْهَمًا أَوْ قِيمَتَهَا مِنَ الذَّهَبِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي صِنْفِ الْفُقَرَاءِ فَلاَ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ، وَإِلاَّ فَيُعْطَى، وَإِنْ كَانَ كَاسِبًا؛ لأَِنَّ الْكَسْبَ
__________
(1) روضة الطالبين 2 / 318، والزرقاني 2 / 178، والمجموع 6 / 211.

الصفحة 322