كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)

السَّدَادِ فَالأَْوْلَى لَهُ أَنْ يَسْتَقْرِضَ وَلاَ يَأْخُذَ مِنَ الزَّكَاةِ (1) .

الضَّرْبُ الثَّانِي: مَنْ كَانَ فِي بَلَدِهِ وَيُرِيدُ أَنْ يُنْشِئَ سَفَرًا:
176 - فَهَذَا الضَّرْبُ مَنَعَ الْجُمْهُورُ إِعْطَاءَهُ، وَأَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ إِعْطَاءَهُ لِذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ لاَ يَكُونَ مَعَهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي سَفَرِهِ، وَأَنْ لاَ يَكُونَ فِي مَعْصِيَةٍ، فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ إِعْطَاءُ مَنْ يُرِيدُ الْحَجَّ مِنَ الزَّكَاةِ إِنْ كَانَ لاَ يَجِدُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يُنْشِئُ مِنْهُ سَفَرَ الْحَجِّ مَا لاَ يَحُجُّ بِهِ.
وَالْحَنَفِيَّةُ لاَ يَرَوْنَ جَوَازَ الإِْعْطَاءِ فِي هَذَا الضَّرْبِ، إِلاَّ أَنَّ مَنْ كَانَ بِبَلَدِهِ، وَلَيْسَ لَهُ بِيَدِهِ مَالٌ يُنْفِقُ مِنْهُ وَلَهُ مَالٌ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ، لاَ يَصِل إِلَيْهِ، رَأَوْا أَنَّهُ مُلْحَقٌ بِابْنِ السَّبِيل (2) .

أَصْنَافُ الَّذِينَ لاَ يَجُوزُ إِعْطَاؤُهُمْ مِنَ الزَّكَاةِ:
177 - 1 - آل النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَِنَّ الزَّكَاةَ وَالصَّدَقَةَ مُحَرَّمَتَانِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ حُكْمِهِمْ فِي (آل) .

2 - الأَْغْنِيَاءُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ مَنْ هُمْ فِي صِنْفِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ.
__________
(1) الفروع 2 / 625، وروضة الطالبين 2 / 321، وابن عابدين 2 / 61، والدسوقي 1 / 497، 498
(2) ابن عابدين 2 / 61، 62، والدسوقي 1 / 497، والمجموع 6 / 215، وروضة الطالبين 2 / 321
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: خَمْسَةٌ لاَ يُعْطَوْنَ إِلاَّ مَعَ الْحَاجَةِ: الْفَقِيرُ، وَالْمِسْكِينُ، وَالْمُكَاتَبُ، وَالْغَارِمُ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ، وَابْنُ السَّبِيل، وَخَمْسَةٌ يَأْخُذُونَ مَعَ الْغِنَى: الْعَامِل، وَالْمُؤَلَّفُ قَلْبُهُ، وَالْغَازِي، وَالْغَارِمُ لإِِصْلاَحِ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَابْنُ السَّبِيل الَّذِي لَهُ الْيَسَارُ فِي بَلَدِهِ.
وَخَالَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْغَازِي وَالْغَارِمِ لإِِصْلاَحِ ذَاتِ الْبَيْنِ، فَرَأَوْا أَنَّهُمْ لاَ يَأْخُذُونَ إِلاَّ مَعَ الْحَاجَةِ (1) .

3 - الْكُفَّارُ وَلَوْ كَانُوا أَهْل ذِمَّةٍ: لاَ يَجُوزُ إِعْطَاؤُهُمْ مِنَ الزَّكَاةِ. نَقَل ابْنُ الْمُنْذِرِ الإِْجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ لِحَدِيثِ: إِنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ (2) وَأَجَازَ الْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ إِعْطَاءَهُمْ مَعَ الْعَامِلِينَ إِنْ عَمِلُوا عَلَى الزَّكَاةِ.
وَيُسْتَثْنَى الْمُؤَلَّفُ قَلْبُهُ أَيْضًا عَلَى التَّفْصِيل وَالْخِلاَفِ الْمُتَقَدِّمِ فِي مَوْضِعِهِ (3) .
وَيَشْمَل الْكَافِرُ هُنَا الْكَافِرَ الأَْصْلِيَّ وَالْمُرْتَدَّ، وَمَنْ كَانَ مُتَسَمِّيًا بِالإِْسْلاَمِ وَأَتَى بِمُكَفِّرٍ نَحْوِ الاِسْتِخْفَافِ بِالْقُرْآنِ، أَوْ سَبِّ اللَّهِ أَوْ رَسُولِهِ، أَوْ دِينِ الإِْسْلاَمِ، فَهُوَ كَافِرٌ لاَ يَجُوزُ إِعْطَاؤُهُ مِنَ الزَّكَاةِ اتِّفَاقًا، وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ: (رِدَّة) .
__________
(1) المغني 6 / 440، وابن عابدين 2 / 17.
(2) حديث: " إن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم ". سبق تخريجه ف / 33.
(3) المجموع للنووي 6 / 228، والإنصاف 3 / 252.

الصفحة 325