كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)

فُقَرَائِهِمْ، فَقَال مُعَاذٌ: مَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ بِشَيْءٍ وَأَنَا أَجِدُ مَنْ يَأْخُذُهُ مِنِّي.
وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أُتِيَ بِزَكَاةٍ مِنْ خُرَاسَانَ إِلَى الشَّامِ فَرَدَّهَا إِلَى خُرَاسَانَ.
قَالُوا: وَالْمُعْتَبَرُ بَلَدُ الْمَال، إِلاَّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ قَالُوا: الْمُعْتَبَرُ فِي الأَْمْوَال الظَّاهِرَةِ الْبَلَدُ الَّذِي فِيهِ الْمَال، وَفِي النَّقْدِ وَعُرُوضِ التِّجَارَةِ الْبَلَدُ الَّذِي فِيهِ الْمَالِكُ.
وَاسْتَثْنَى الْمَالِكِيَّةُ أَنْ يُوجَدَ مَنْ هُوَ أَحْوَجُ مِمَّنْ هُوَ فِي الْبَلَدِ، فَيَجِبُ حِينَئِذٍ النَّقْل مِنْهَا وَلَوْ نُقِل أَكْثَرُهَا.
186 - ثُمَّ إِنْ نُقِلَتِ الزَّكَاةُ حَيْثُ لاَ مُسَوِّغَ لِنَقْلِهَا مِمَّا تَقَدَّمَ، فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ، إِلَى أَنَّهَا تُجْزِئُ عَنْ صَاحِبِهَا؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنِ الأَْصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ نَقَلَهَا لِمِثْل مَنْ فِي بَلَدِهِ فِي الْحَاجَةِ فَتُجْزِئُهُ مَعَ الْحُرْمَةِ، وَإِنْ نَقَلَهَا لأَِدْوَنَ مِنْهُمْ فِي الْحَاجَةِ لَمْ تُجْزِئْهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ خَلِيلٌ وَالدَّرْدِيرُ، وَقَال الدُّسُوقِيُّ: نَقَل الْمَوَّاقُ أَنَّ الْمَذْهَبَ الإِْجْزَاءُ بِكُل حَالٍ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ: لاَ تُجْزِئُهُ بِكُل حَالٍ.
وَحَيْثُ نُقِلَتِ الزَّكَاةُ فَأُجْرَةُ النَّقْل عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ تَكُونُ مِنْ بَيْتِ الْمَال لاَ مِنَ الزَّكَاةِ نَفْسِهَا. وَقَال الْحَنَابِلَةُ: تَكُونُ عَلَى الْمُزَكِّي (1) .
__________
(1) فتح القدير 2 / 28، والدسوقي 1 / 500 - 502، وشرح المنهاج 3 / 202، 203، والمغني 2 / 671 - 674، والإنصاف 3 / 202.
حُكْمُ مَنْ أُعْطِيَ مِنَ الزَّكَاةِ لِوَصْفٍ فَزَال الْوَصْفُ وَهِيَ فِي يَدِهِ:
187 - مِنْ أَهْل الزَّكَاةِ مَنْ يَأْخُذُ أَخْذًا مُسْتَقِرًّا فَلاَ يُسْتَرَدُّ مِنْهُ شَيْءٌ إِنْ كَانَ فِيهِ سَبَبُ الاِسْتِحْقَاقِ بِشُرُوطِهِ عِنْدَ الأَْخْذِ، وَهُمْ أَرْبَعَةُ أَصْنَافٍ: الْمِسْكِينُ، وَالْفَقِيرُ، وَالْعَامِل، وَالْمُؤَلَّفُ قَلْبُهُ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْخُذُ أَخْذًا مُرَاعًى، فَيُسْتَرَدُّ مِنْهُ إِنْ لَمْ يُنْفِقْهُ فِي وَجْهِهِ، أَوْ تَأَدَّى الْغَرَضُ مِنْ بَابٍ آخَرَ، أَوْ زَال الْوَصْفُ وَالزَّكَاةُ فِي يَدِهِ، وَهُمْ أَيْضًا أَرْبَعَةُ أَصْنَافٍ، عَلَى خِلاَفٍ فِي بَعْضِهَا:
1 - الْمُكَاتَبُ، فَيُسْتَرَدُّ مِنَ الْمُعْطَى مَا أَخَذَ عَلَى الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِنْ مَاتَ قَبْل أَنْ يَعْتِقَ، أَوْ عَجَزَ عَنِ الْوَفَاءِ فَلَمْ يَعْتِقْ، وَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: يَكُونُ مَا أَخَذَهُ لِسَيِّدِهِ وَيَحِل لَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ: لاَ يُسْتَرَدُّ، وَلاَ يَكُونُ لِسَيِّدِهِ، بَل يُنْفِقُ فِي الْمُكَاتَبِينَ (1) .
وَلاَ تَرِدُ الْمَسْأَلَةُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ؛ لأَِنَّهُمْ لاَ يَرَوْنَ صَرْفَ الزَّكَاةِ لِلْمُكَاتَبِينَ كَمَا تَقَدَّمَ.
2 - الْغَارِمُ: فَإِنِ اسْتَغْنَى الْمَدِينُ الَّذِي أَخَذَ
__________
(1) ابن عابدين 2 / 60، والمجموع 6 / 201، والمغني 1 / 440، والفروع وتصحيحه 2 / 613.

الصفحة 332