كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا بِالْبَيْعِ وَالْقِسْمَةِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهَا، وَلاَ يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ فِي الْعِتْقِ وَالْوَصِيَّةِ. قَال الْقَلْيُوبِيُّ: وَيَلْحَقُ بِالأُْمِّ الأَْبُ وَالْجَدُّ وَالْجَدَّةُ وَإِنْ عَلَوْا وَلَوْ مِنْ جِهَةِ الأُْمِّ، وَلاَ يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ بَقِيَّةِ الْمَحَارِمِ.
وَفِي قَوْلٍ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْجِهَادِ: لاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَسَائِرِ الْمَحَارِمِ (1) .
هَذَا وَإِنَّ حُكْمَ التَّفْرِيقِ الْمُتَقَدِّمِ يَسْتَمِرُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، مَا دَامَ كِلاَهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا دُونَ الْبُلُوغِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْظْهَرِ إِلَى سِنِّ التَّمْيِيزِ كَسَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ، فَإِنْ زَادَ كِلاَهُمَا عَنْ ذَلِكَ جَازَ، لِمَا وَرَدَ أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ الأَْكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَتَى أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِامْرَأَةٍ وَابْنَتِهَا، فَنَفَلَهُ أَبُو بَكْرٍ ابْنَتَهَا، فَاسْتَوْهَبَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَهَبَهَا لَهُ (2) .
وَمَا رُوِيَ أَنَّهُ أَهْدَى الْمُقَوْقِسُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَارِيَةَ وَأُخْتَهَا سِيرِينَ، فَأَعْطَى سِيرِينَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، وَتَرَكَ مَارِيَةَ لِنَفْسِهِ (3) .
وَلأَِنَّهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ يَصِيرُ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ.
__________
(1) المغني 4 / 266، والهداية وشروحها 5 / 241، 242 - 245، وكفاية الطالب الرباني، والروضة للنووي 4 / 415 و10 / 258.
(2) حديث سلمة بن الأكوع: " أنه أتى أبا بكر بامرأة وابنتها ". أخرجه مسلم (3 / 1376 - ط الحلبي) .
(3) حديث: " أهدى المقوقس إلى النبي صلى الله عليه وسلم مارية ". ذكره ابن سعد في الطبقات (8 / 214 - ط دار صادر) من حديث الزهري مرسلاً.
وَالْعَادَةُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الأَْحْرَارِ، فَالْمَرْأَةُ تُزَوِّجُ ابْنَتَهَا.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يَسْتَمِرُّ إِلَى أَنْ يُثْغِرَ الصَّغِيرُ، أَيْ تَنْبُتَ أَسْنَانُهُ بَعْدَ سُقُوطِ الرَّوَاضِعِ، فَإِنْ أَثْغَرَ جَازَ التَّفْرِيقُ لاِسْتِغْنَائِهِ عَنْ أُمِّهِ فِي أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَمَنَامِهِ وَقِيَامِهِ (1) .

حُكْمُ الْبَيْعِ الَّذِي حَصَل بِهِ التَّفْرِيقُ:
40 - الْبَيْعُ الَّذِي فُرِّقَ بِهِ بَيْنَ الأُْمِّ وَوَلَدِهَا أَوْ غَيْرِهِ مِنَ التَّفْرِيقِ الْمُحَرَّمِ، عَلَى الْخِلاَفِ السَّابِقِ، إِذَا وَقَعَ يَكُونُ فَاسِدًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَقَدْ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ حِينَ فَرَّقَ بَيْنَ أَخَوَيْنِ بِالْبَيْعِ: اذْهَبْ فَارْتَجِعْهُمَا وَإِنَّمَا يَجِبُ الاِرْتِجَاعُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ يَفْسُدُ، لأَِنَّ النَّهْيَ فِي أَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ صُلْبِ الْعَقْدِ وَشَرَائِطِهِ، فَيُكْرَهُ الْعَقْدُ عِنْدَهُمْ وَيَصِحُّ (2) .

رَدُّ الرَّقِيقِ فِي الْبَيْعِ بِالْعَيْبِ:
41 - الْعُيُوبُ هِيَ النَّقَائِصُ الْمُوجِبَةُ لِنَقْصِ الْمَالِيَّةِ فِي عَادَاتِ التُّجَّارِ، وَالْمَرْجِعُ فِي مَا أُشْكِل مِنْهُ
__________
(1) المغني 4 / 266، وفتح القدير 5 / 245، وكفاية الطالب وحاشية العدوي 2 / 147.
(2) فتح القدير 6 / 244، والروضة 10 / 258.

الصفحة 34