كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)

عُرْفُ أَهْلِهِ، وَيُرَدُّ الرَّقِيقُ بِعُيُوبٍ مُعَيَّنَةٍ إِذَا لَمْ تَكُنْ مَعْلُومَةً عِنْدَ الْعَقْدِ، وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُطَوَّلاَتِ (1) .

حُكْمُ مَال الرَّقِيقِ إِذَا بِيعَ:
42 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، إِلَى أَنَّهُ إِذَا بِيعَ الرَّقِيقُ وَلَهُ مَالٌ مَلَّكَهُ إِيَّاهُ مَوْلاَهُ أَوْ خَصَّهُ بِهِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ أَنَّ الْمَال لِلْمُشْتَرِي، فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْبَائِعِ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ (2) وَلأَِنَّ الْعَبْدَ وَمَالَهُ لِلسَّيِّدِ، فَإِذَا بَاعَ الْعَبْدَ اخْتَصَّ الْبَيْعُ بِهِ دُونَ مَالِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ عَبْدَانِ، فَبَاعَ أَحَدَهُمَا لَمْ يَتَنَاوَل الْبَيْعُ الْعَبْدَ الثَّانِيَ.
ثُمَّ ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي خِلاَفِ الأَْظْهَرِ عِنْدَهُمْ: إِلَى أَنَّهُ إِنِ اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي مَال الْعَبْدِ صَحَّ، وَيَكُونُ الْمَال لَهُ، لِمَا فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ الذِّكْرِ، وَلاَ يَصِحُّ ذَلِكَ إِلاَّ إِنْ كَانَ مَقْصُودُهُ شِرَاءَ الْعَبْدِ وَالرَّغْبَةَ فِيهِ، وَأَنَّ الْمَال تَبَعٌ، وَإِنَّمَا قَصَدَ بَقَاءَ الْمَال لِلْعَبْدِ وَإِقْرَارَهُ فِي يَدِهِ،
__________
(1) المغني 4 / 152 - 154، والزرقاني 5 / 127 - 130 وروضة الطالبين 3 / 460 - 462، وفتح القدير 5 / 152 - 157.
(2) حديث: " من ابتاع عبدًا وله مال فماله للذي باعه إلا. . . " أخرجه البخاري (الفتح 5 / 49 - ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1173 - ط الحلبي) من حديث ابن عمر.
وَحِينَئِذٍ يُغْتَفَرُ فِي الْمَال الْجَهَالَةُ، وَيُغْتَفَرُ كَوْنُهُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ؛ لأَِنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَصِحُّ تَبَعًا وَلَوْ كَانَ لاَ يَصِحُّ اسْتِقْلاَلاً، كَالتَّمْوِيهِ بِالذَّهَبِ فِي سَقْفِ بَيْتٍ بِيعَ بِذَهَبٍ. فَإِنْ كَانَ الْمَال هُوَ الْمَقْصُودُ اشْتُرِطَ الْعِلْمُ بِهِ، وَسَائِرُ شُرُوطِ الْبَيْعِ.
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْظْهَرِ أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَشْتَرِطَ مَال الْعَبْدِ إِلاَّ أَنْ تَتَحَقَّقَ شُرُوطُ الْبَيْعِ؛ لأَِنَّهُ مَبِيعٌ آخَرُ، فَاشْتُرِطَ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي سَائِرِ الْمَبِيعَاتِ (1) .
وَهَذَا كُلُّهُ يَجْرِي أَيْضًا فِي حُلِيِّ الْجَارِيَةِ الَّتِي تَلْبَسُهَا، وَمَا قَدْ يَكُونُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى الْعَبْدِ مِنَ الثِّيَابِ الَّتِي تُرَادُ لِلْجَمَال. أَمَّا الثِّيَابُ الْمُعْتَادَةُ مِمَّا كَانَ يَلْبَسُهُ عِنْدَ الْبَائِعِ لِلْبِذْلَةِ وَالْخِدْمَةِ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. وَقَال الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ: لاَ يَدْخُل فِي الْبَيْعِ شَيْءٌ مِنَ الثِّيَابِ إِلاَّ بِالشَّرْطِ (2) .

رَهْنُ الرَّقِيقِ:
43 - يَجُوزُ لِسَيِّدِ الرَّقِيقِ ارْتِهَانُهُ بِحَقٍّ عَلَيْهِ، ذَكَرًا كَانَ الرَّقِيقُ أَوْ أُنْثَى. وَلَوْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ فَيَجُوزُ رَهْنُهَا دُونَ وَلَدِهَا، أَوْ مَعَهُ؛ لأَِنَّ الرَّهْنَ لاَ يُزِيل الْمِلْكَ، فَإِنْ دَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَى بَيْعِهَا فِي الدَّيْنِ بِيعَ وَلَدُهَا
__________
(1) المغني 4 / 172، وروضة الطالبين 3 / 546.
(2) المغني 4 / 174، وروضة الطالبين 3 / 547.

الصفحة 35