كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 23)

فَالْوَطْءُ الْجَائِزُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، هُوَ وَطْءُ الْمَالِكِ الذَّكَرِ لِمَمْلُوكَتِهِ الأُْنْثَى خَاصَّةً، وَفِي هَذَا وَرَدَتِ الآْيَةُ السَّابِقَةُ.

وَطْءُ الرَّجُل الْحُرِّ لِمَمْلُوكَتِهِ:
69 - يَحِل لِلرَّجُل الْحُرِّ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِجَارِيَتِهِ بِالْوَطْءِ، أَوْ بِمُقَدِّمَاتِهِ، بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ مَمْلُوكَةً لَهُ مِلْكًا كَامِلاً، وَهِيَ الَّتِي لَيْسَ لَهُ فِيهَا شَرِيكٌ، وَلاَ لأَِحَدٍ فِيهَا شَرْطٌ أَوْ خِيَارٌ، وَبِشَرْطِ أَنْ لاَ يَكُونَ فِيهَا مَانِعٌ يَقْتَضِي تَحْرِيمَهَا عَلَيْهِ، كَأَنْ تَكُونَ أُخْتَهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَوْ بِنْتَ زَوْجَتِهِ، أَوْ مَوْطُوءَةَ فَرْعِهِ، أَوْ أَصْلِهِ. أَوْ تَكُونَ مُزَوَّجَةً، أَوْ مُشْرِكَةً (1) . وَالْجَارِيَةُ الَّتِي يَتَّخِذُهَا سَيِّدُهَا لِلْوَطْءِ تُسَمَّى سَرِيَّةً، وَاِتِّخَاذُهَا لِذَلِكَ يُسَمَّى التَّسَرِّيَ. وَتُنْظَرُ الأَْحْكَامُ التَّفْصِيلِيَّةُ لِذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (تَسَرٍّ) .

وَفِيمَا يَلِي بَعْضُ الأَْحْكَامِ الَّتِي أُغْفِل ذِكْرُهَا هُنَاكَ، أَوْ ذُكِرَتْ بِإِيجَازٍ، نَظَرًا إِلَى أَنَّ تَعَلُّقَهَا بِمُصْطَلَحِ (رِقّ) أَظْهَرُ.

طَلاَقُ السُّرِّيَّةِ وَالظِّهَارُ مِنْهَا، وَتَحْرِيمُهَا، وَالإِْيلاَءُ مِنْهَا:
70 - الطَّلاَقُ لاَ يَلْحَقُ السُّرِّيَّةَ وَلاَ أَثَرَ لَهُ اتِّفَاقًا.
وَأَمَّا الظِّهَارُ، فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ
__________
(1) الزرقاني 3 / 226، 5 / 130، وروضة الطالبين 5 / 130 و8 / 270، وكشاف القناع 5 / 205.
(الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى أَنَّهُ لَوْ ظَاهَرَ مِنْ أَمَتِهِ لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا، فَلاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ مِمَّا قَالَهُ، فَإِنَّهُ كَذِبٌ وَزُورٌ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ. . .} (1) فَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي الزَّوْجَاتِ، وَالأَْمَةُ وَإِنْ صَحَّ إِطْلاَقُ لَفْظِ " نِسَائِنَا " عَلَيْهَا لُغَةً لَكِنَّ صِحَّةَ الإِْطْلاَقِ لاَ تَسْتَلْزِمُ الْحَقِيقَةَ، بَل يُقَال: هَؤُلاَءِ " جَوَارِيهِ لاَ نِسَاؤُهُ ". وَلأَِنَّ الْحِل فِي الأَْمَةِ تَابِعٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ مِنَ الْعَقْدِ بَل يَصِحُّ الْعَقْدُ، وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ مَعَ عَدَمِ حِل الْوَطْءِ، كَمَا فِي شِرَاءِ الأَْمَةِ الْمَجُوسِيَّةِ. وَنُقِل هَذَا الْقَوْل أَيْضًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَمُجَاهِدٍ وَالأَْوْزَاعِيِّ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الأَْمَةَ يَلْحَقُهَا ظِهَارُ سَيِّدِهَا، فَلَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا لَمْ يَحِل لَهُ أَنْ يَطَأَهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةً تَامَّةً، لأَِنَّهَا مُحَلَّلَةٌ لَهُ حِلًّا أَصْلِيًّا فَيَصِحُّ الظِّهَارُ مِنْهَا كَالزَّوْجَةِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ أَيْضًا عَنِ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَالنَّخَعِيِّ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَالزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ.
وَعَنِ الْحَسَنِ وَالأَْوْزَاعِيِّ إِنْ كَانَ يَطَؤُهَا فَهُوَ ظِهَارٌ وَإِلاَّ فَلاَ.
وَقَال عَطَاءٌ: عَلَيْهِ نِصْفُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ مِنَ الْحُرَّةِ؛ لأَِنَّ الأَْمَةَ عَلَى النِّصْفِ مِنَ الْحُرَّةِ فِي الأَْحْكَامِ.
__________
(1) سورة المجادلة / 2.

الصفحة 47