كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 24)
قَال: إِذَا أَمَّهُمْ فَهُوَ أَمِيرُهُمْ، فَذَلِكَ أَمِيرٌ أَمَّرَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (1)
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ التَّأْمِيرَ سُنَّةٌ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ (2) .
وَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَمِّرَ عَلَيْهِمْ بَصِيرًا بِأَمْرِ الْحَرْبِ وَحُسْنِ التَّدْبِيرِ، لَيْسَ مِمَّنْ يُقْحِمُهُمْ فِي الْمَهَالِكِ، وَلاَ مِمَّنْ يُفَوِّتُ عَلَيْهِمُ الْفُرْصَةَ إِذَا رَأَوْهَا، وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُوثَقُ بِدِينِهِ، مُجْتَهِدًا فِي الأَْحْكَامِ الدِّينِيَّةِ، وَيَأْمُرُهُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ ثُمَّ طَاعَةِ الأَْمِيرِ وَيُوصِيهِ بِهِمْ، وَيَأْخُذُ الْبَيْعَةَ عَلَيْهِمْ بِالثَّبَاتِ عَلَى الْجِهَادِ، وَعَدَمِ الْفِرَارِ. وَيُسْتَحَبُّ خُرُوجُهُمْ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَأَوَّل النَّهَارِ (3) . لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُِمَّتِي فِي بُكُورِهَا (4) .
مَا تَغْنَمُهُ السَّرِيَّةُ:
6 - إِذَا بَعَثَ الإِْمَامُ سَرِيَّةً مِنَ الْجَيْشِ وَهُوَ مِنْ
__________
(1) شرح السير الكبير لمحمد بن الحسن 1 / 60.
(2) نهاية المحتاج 8 / 60، والقليوبي 4 / 217، وأسنى المطالب 4 / 192.
(3) شرح السير الكبير 1 / 61 - 62 وما بعده، ونهاية المحتاج 8 / 61 - 62، وأسنى المطالب 4 / 192، وروضة الطالبين 10 / 238.
(4) حديث: " اللهم بارك لأمتي في بكورها. . . " إلخ. أخرجه الترمذي (3 / 508 - ط الحلبي) من حديث صخر الغامدي، وقال: حديث حسن.
أَرْضِ الْعَدُوِّ فَغَنِمَتْ شَارَكَهُمْ جَيْشُ الإِْمَامِ فِيمَا غَنِمَتْ، وَإِنْ غَنِمَ الْجَيْشُ فِي غَيْبَةِ السَّرِيَّةِ شَارَكَتْهُ.
فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَمَّا غَزَا هَوَازِنَ بَعَثَ سَرِيَّةً مِنَ الْجَيْشِ قِبَل أَوْطَاسٍ فَغَنِمَتِ السَّرِيَّةُ فَأَشْرَكَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجَيْشِ (1) . وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَيَرُدُّ سَرَايَاهُمْ عَلَى قَعْدَتِهِمْ (2) (مَنْ لَمْ يَخْرُجُوا مَعَ السَّرِيَّةِ) وَفِي تَنْفِيل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبُدَاءَةِ بِالرُّبُعِ، وَفِي الرَّجْعَةِ بِالثُّلُثِ (3) دَلِيلٌ عَلَى اشْتِرَاكِهِمْ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ؛ لأَِنَّهُمْ لَوِ اخْتَصُّوا بِمَا غَنِمُوهُ لَمَا كَانَ ثُلُثُهُ نَفْلاً. وَلأَِنَّهُمْ جَيْشٌ وَاحِدٌ، وَكُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ رِدْءٌ لِلآْخَرِ فَيَشْتَرِكُونَ كَمَا لَوْ غَنِمَ أَحَدُ جَانِبَيِ الْجَيْشِ.
وَإِنْ بَعَثَ سَرِيَّةً إِلَى دَارِ الْحَرْبِ وَهُوَ بِبَلْدَةٍ فَغَنِمَتْ لَمْ يُشَارِكْهَا الإِْمَامُ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْجَيْشِ
__________
(1) حديث: " لما غزا هوازن بعث سرية من الجيش قبل أوطاس ". ذكره ابن كثير في البداية والنهاية (4 / 336 نشر دار الكتب العلمية) ، عن ابن إسحاق.
(2) حديث: " يرد سراياهم على قعدتهم " أخرجه البيهقي (9 / 51 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث عبد الله بن عمرو.
(3) حديث: " تنفيل النبي صلى الله عليه وسلم في البداءة الربع ". أخرجه الترمذي (4 / 130 - ط الحلبي) من حديث عبادة بن الصامت بلفظ " كان ينفل في البداءة الربع وفي القفول الثلث " وقال: حديث حسن. وبنحوه أخرجه أبو داود (3 / 183. تحقيق عزت عبيد الدعاس) من حديث حبيب بن مسلمة.
الصفحة 351