كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 24)
فَلَوْ كَانَ الذِّكْرُ مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ، كَمَا لَوْ ذَكَرَ الشَّهَادَتَيْنِ عِنْدَ ذِكْرِ الْمُؤَذِّنِ لَهُمَا، أَوْ سَمِعَ ذِكْرَ اللَّهِ، فَقَال: جَل جَلاَلُهُ، أَوْ ذِكْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى عَلَيْهِ تَفْسُدُ صَلاَتُهُ (1) .
الزِّيَادَةُ عَلَى التَّكْبِيرَاتِ الأَْرْبَعِ فِي صَلاَةِ الْجِنَازَةِ وَأَثَرُهَا:
16 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ صَلاَةَ الْجِنَازَةِ أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ لاَ يَجُوزُ النَّقْصُ مِنْهَا، وَالأَْوْلَى عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا، وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَمُقَابِلُهُ الْبُطْلاَنُ لِزِيَادَةِ رُكْنٍ، فَإِنْ زَادَ الإِْمَامُ عَلَيْهَا تَكْبِيرَةً خَامِسَةً، فَفِي مُتَابَعَةِ الْمَأْمُومِ لَهُ فِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ أَوْ عَدَمِ مُتَابَعَتِهِ لَهُ فِيهَا خِلاَفٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ.
فَذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ سِوَى زُفَرَ أَنَّ الإِْمَامَ إِذَا فَعَل ذَلِكَ لَمْ يُتَابِعْهُ الْمُؤْتَمُّ فِي تِلْكَ التَّكْبِيرَةِ، لأَِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ أَرْبَعًا فِي آخِرِ صَلاَةِ جِنَازَةٍ صَلاَّهَا (2) . وَقَال زُفَرُ: يُتَابِعُهُ لأَِنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَبَّرَ خَمْسًا.
__________
(1) فتح القدير ط. أولى 1 / 286، ومراقي الفلاح وحاشية الطحطاوي 175 - 179.
(2) حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم كبر أربعا في آخر صلاة جنازة صلاها ". أخرجه الحاكم (1 / 386 ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث ابن عباس، وضعف الذهبي في تلخيصه أحد رواته، وذكره ابن حجر في التلخيص (2 / 121 - ط شركة الطباعة الفنية) وقال: " روي هذا اللفظ من وجوه أخر كلها ضعيفة ".
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يُسَلِّمُ الْمَأْمُومُ وَلاَ يَنْتَظِرُ إِمَامَهُ فِي التَّكْبِيرَةِ الْخَامِسَةِ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَيُفَارِقُ الْمَأْمُومُ إِمَامَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي التَّكْبِيرَةِ الْخَامِسَةِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْل بِبُطْلاَنِ الصَّلاَةِ بِهَا، وَعَلَى الْقَوْل بِعَدَمِ الْبُطْلاَنِ لاَ يُفَارِقُهُ، وَلَكِنْ لاَ يُتَابِعُهُ فِيهَا عَلَى الأَْظْهَرِ، وَفِي تَسْلِيمِهِ فِي الْحَال أَوِ انْتِظَارِهِ حَتَّى يُسَلِّمَ إِمَامُهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي.
وَالأَْوْلَى عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنْ لاَ يَزِيدَ عَلَى أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ فِي صَلاَةِ الْجِنَازَةِ، وَلاَ خِلاَفَ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ لاَ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى سَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ، وَلاَ يَجُوزُ النَّقْصُ عَنْ أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ، وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عِنْدَهُمْ فِيمَا زَادَ عَلَى الأَْرْبَعِ إِلَى السَّبْعِ، فَظَاهِرُ كَلاَمِ الْخِرَقِيِّ أَنَّ الإِْمَامَ إِذَا كَبَّرَ خَمْسًا تَابَعَهُ الْمَأْمُومُ، وَلاَ يُتَابِعُهُ فِي زِيَادَةٍ عَلَيْهَا رَوَاهُ الأَْثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ، لِمَا رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى جِنَازَةٍ خَمْسًا وَقَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّرُهَا (1) .
وَرَوَى حَرْبٌ عَنْ أَحْمَدَ إِذَا كَبَّرَ خَمْسًا لاَ يُكَبِّرُ مَعَهُ، وَلاَ يُسَلِّمُ إِلاَّ مَعَ الإِْمَامِ، لأَِنَّهَا زِيَادَةٌ غَيْرُ مَسْنُونَةٍ لِلإِْمَامِ فَلاَ يُتَابِعُهُ الْمَأْمُومُ فِيهَا، كَالْقُنُوتِ فِي الرَّكْعَةِ الأُْولَى.
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْمَأْمُومَ يُكَبِّرُ مَعَ الإِْمَامِ إِلَى سَبْعٍ، قَال الْخَلاَّل: ثَبَتَ الْقَوْل عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ يُكَبِّرُ مَعَ الإِْمَامِ إِلَى سَبْعٍ ثُمَّ
__________
(1) حديث زيد بن أرقم: " أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يكبر خمسا على الجنائز ". أخرجه مسلم (2 / 659 - ط الحلبي) .
الصفحة 71