كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 24)

الزِّيَادَةَ لِلْوَارِثِ وَلَيْسَتْ لِلدَّائِنِ، وَمَنْ قَال بِعَدَمِ انْتِقَالِهَا قَال: تُضَمُّ الزِّيَادَةُ إِلَى التَّرِكَةِ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ فَإِنْ فَضَل شَيْءٌ انْتَقَل إِلَى الْوَرَثَةِ (1) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (تَرِكَةٍ) .

زِيَادَةُ التَّعْزِيرِ عَنْ أَدْنَى الْحُدُودِ:
26 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ التَّعْزِيرَ لاَ يَبْلُغُ الْحَدَّ. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْحَدِّ مَعَ مُرَاعَاةِ الْمَصْلَحَةِ الَّتِي لاَ يَشُوبُهَا الْهَوَى. وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ بِالْجَلْدِ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُنْقِصَ عَنْ أَقَل حُدُودِ مَنْ يَقَعُ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ، وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِي قَدْرِ جَلْدِ التَّعْزِيرِ، فَرُوِيَ أَنَّهُ لاَ يَبْلُغُ بِهِ الْحَدَّ، وَنَصُّ مَذْهَبِهِ أَنْ لاَ يُزَادَ عَلَى عَشْرِ جَلَدَاتٍ فِي التَّعْزِيرِ،
انْظُرْ مُصْطَلَحَ: (تَعْزِيرٍ) .

الزِّيَادَةُ عَلَى الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ الرَّاتِبَةِ (النَّفَل الْمُطْلَقُ) :
27 - قَسَّمَ الْمَاوَرْدِيُّ الزِّيَادَةَ عَلَى فِعْل الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ الرَّاتِبَةِ وَهُوَ مَا يُسَمَّى النَّفَل الْمُطْلَقُ ثَلاَثَةَ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ رِيَاءً لِلنَّاظِرِينَ
__________
(1) تبيين الحقائق 5 / 213 ط. بولاق، بداية المجتهد 2 / 284، روضة الطالبين 4 / 85 ط. المكتب الإسلامي، الجمل على المنهج / 307 - 308 ط. التراث، المغني 9 / 220 - 221 ط. الرياض.
وَتَصَنُّعًا لِلْمَخْلُوقِينَ، حَتَّى يَسْتَعْطِفَ بِهَا الْقُلُوبَ النَّافِرَةَ وَيَخْدُمَ بِهَا الْعُقُول الْوَاهِيَةَ، فَيَتَبَهْرَجَ بِالصُّلَحَاءِ وَلَيْسَ مِنْهُمْ، وَيَتَدَلَّسَ فِي الأَْخْيَارِ وَهُوَ ضِدُّهُمْ، وَقَدْ ضَرَبَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُرَائِي بِعَمَلِهِ مَثَلاً فَقَال: الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ (1) .
يُرِيدُ بِالْمُتَشَبِّعِ بِمَا لاَ يَمْلِكُ: الْمُتَزَيِّنُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ، وَقَوْلُهُ: كَلاَبِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ: هُوَ الَّذِي يَلْبَسُ ثِيَابَ الصُّلَحَاءِ، فَهُوَ بِرِيَائِهِ مَحْرُومُ الأَْجْرِ، مَذْمُومُ الذِّكْرِ، لأَِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَفْعَل الزِّيَادَةَ اقْتِدَاءً بِغَيْرِهِ، وَهَذَا قَدْ تُثْمِرُهُ مُجَالَسَةُ الأَْخْيَارِ الأَْفَاضِل، وَتُحْدِثُهُ مُكَاثَرَةُ الأَْتْقِيَاءِ الأَْمَاثِل. وَلِذَلِكَ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِل (2) .
فَإِذَا كَاثَرَهُمُ الْمَجَالِسَ وَطَاوَلَهُمُ الْمُؤَانِسَ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِمْ فِي أَفْعَالِهِمْ، وَيَتَأَسَّى بِهِمْ فِي أَعْمَالِهِمْ، وَلاَ يَرْضَى لِنَفْسِهِ أَنْ يُقَصِّرَ عَنْهُمْ، وَلاَ أَنْ يَكُونَ فِي الْخَيْرِ دُونَهُمْ، فَتَبْعَثُهُ الْمُنَافَسَةُ عَلَى مُسَاوَاتِهِمْ، وَرُبَّمَا دَعَتْهُ الْحَمِيَّةُ إِلَى الزِّيَادَةِ
__________
(1) حديث: " المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور ". أخرجه البخاري (الفتح 9 / 317 - ط السلفية) ومسلم (3 / 168 - ط. الحلبي) من حديث أسماء بنت أبي بكر.
(2) حديث: " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ". أخرجه الترمذي (4 / 589 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة، وقال: حديث حسن صحيح.

الصفحة 77