كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 24)

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
تَخْتَلِفُ أَحْكَامُ السُّؤَال بِاخْتِلاَفِ حَالَةِ السَّائِل وَنَوْعِ السُّؤَال، وَقَصْدِ السَّائِل مِنْهُ:

أَوَّلاً - السُّؤَال (بِمَعْنَى الاِسْتِفْهَامِ) :
7 - السُّؤَال عَلَى وَجْهِ التَّبَيُّنِ وَالتَّعَلُّمِ عَمَّا تَمَسُّ إِلَيْهِ الْحَاجَةُ فِي أُمُورِ الدِّينِ أَوِ الدُّنْيَا مَأْمُورٌ بِهِ، أَوْ مُبَاحٌ بِحَسَبِ حَال الْمَسْئُول عَنْهُ.
أَمَّا السُّؤَال عَمَّا لاَ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَصْلَحَةٌ دِينِيَّةٌ وَلاَ دُنْيَوِيَّةٌ عَلَى طَرِيقِ التَّكَلُّفِ وَالتَّعَنُّتِ لِغَرَضِ التَّعْجِيزِ وَتَغْلِيطِ الْعُلَمَاءِ فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ وَمَنْهِيٌّ عَنْهُ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} (1) قَال الطَّبَرِيُّ: ذَكَرَ أَنَّ الآْيَةَ نَزَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبَبِ مَسَائِل كَانَ يَسْأَلُهَا إِيَّاهُ أَقْوَامٌ امْتِحَانًا لَهُ أَحْيَانًا وَاسْتِهْزَاءً أَحْيَانًا. (2)
وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ قَوْمٌ يَسْأَلُونَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِهْزَاءً، يَقُول الرَّجُل مَنْ أَبِي؟ وَيَقُول الرَّجُل: تَضِل نَاقَتُهُ: أَيْنَ نَاقَتِي؟ فَأَنْزَل اللَّهُ فِيهِمْ هَذِهِ الآْيَةَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} . (3)
__________
(1)) سورة المائدة / 101.
(2) تفسير الطبري 11 / 98 في تفسير الآية 101 من المائدة.
(3) حديث ابن عباس: " في نزول الآية من سورة المائدة ". أخرجه البخاري (الفتح 8 / 280 - ط السلفية) .
وَعَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْحَلاَل مَا أَحَل اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ. (1) وَوَرَدَ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهُ: كَانَ يَنْهَى عَنْ قِيل وَقَال، وَكَثْرَةِ السُّؤَال، وَإِضَاعَةِ الْمَال. (2)
وَجَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَرِهَ الْمَسَائِل، وَعَابَهَا (3)
وَالْمُرَادُ الْمَسَائِل الدَّقِيقَةُ الَّتِي لاَ يُحْتَاجُ إِلَيْهَا، وَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " شَرُّ النَّاسِ الَّذِينَ يَسْأَلُونَ شَرَّ الْمَسَائِل كَيْ يُغَلِّطُوا الْعُلَمَاءَ (4)
السُّؤَال بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْمُتَكَلِّمِ:
8 - قَال الشَّاطِبِيُّ: إِنَّ السُّؤَال إِمَّا أَنْ يَقَعَ مِنْ عَالِمٍ أَوْ غَيْرِ عَالِمٍ. وَأَعْنِي بِالْعَالَمِ الْمُجْتَهِدِ، وَغَيْرِ الْعَالِمِ الْمُقَلِّدِ. وَعَلَى كِلاَ التَّقْدِيرَيْنِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَسْئُول عَالِمًا أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ. فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ:
__________
(1) حديث: " الحلال ما أحل الله في كتابه ". أخرجه الترمذي (4 / 220 - ط الحلبي) والحاكم (4 / 115 ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث سلمان الفارسي، واستغربه الترمذي، وضعف الذهبي أحد رواته.
(2) حديث: " كان ينهى عن قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال ". أخرجه البخاري (الفتح 13 / 264 - ط السلفية) من حديث معاوية.
(3) حديث: " كره المسائل وعابها ". أخرجه البخاري (الفتح13 / 276 - ط السلفية) من حديث سهل بن سعد.
(4) لسان العرب، وتفسير الطبري في تفسير الآية 101 من المائدة.

الصفحة 96