كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 25)
وَالْمُقَرَّرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَبِهِ قَال بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، أَنَّ الْمُؤْنِسَةَ لَيْسَتْ بِلاَزِمَةٍ عَلَى الزَّوْجِ (1) .
سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ عَنْ طَلاَقٍ رَجْعِيٍّ:
12 - الْمُعْتَدَّةُ عَنْ طَلاَقٍ رَجْعِيٍّ تُعْتَبَرُ زَوْجَةً؛ لأَِنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ قَائِمٌ، فَكَانَ الْحَال بَعْدَ الطَّلاَقِ كَالْحَال قَبْلَهُ، وَلِهَذَا اتَّفَقَ أَهْل الْعِلْمِ جَمِيعًا عَلَى وُجُوبِ السُّكْنَى فِيهَا (2) ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} (3) .
سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ عَنْ طَلاَقٍ بَائِنٍ:
13 - إِنْ كَانَتِ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ طَلاَقٍ بَائِنٍ حَامِلاً فَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي وُجُوبِ السُّكْنَى لَهَا. وَذَكَرَ ابْنُ قُدَامَةَ وَغَيْرُهُ أَنَّ هُنَاكَ إِجْمَاعًا بَيْنَ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى وُجُوبِ السُّكْنَى لَهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} (4)
قَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: أَطْلَقَ اللَّهُ تَعَالَى السُّكْنَى لِكُل مُطَلَّقَةٍ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ، فَكَانَتْ حَقًّا لَهُنَّ؛ لأَِنَّهُ لَوْ أَرَادَ غَيْرَ ذَلِكَ لَقَيَّدَ كَمَا فَعَل
__________
(1) عينة ذوي الأحكام هامش درر الحكام 1 / 416.
(2) بداية المجتهد لابن رشد 2 / 65.
(3) سورة الطلاق / 6.
(4) سورة الطلاق / 6.
فِي النَّفَقَةِ إِذْ قَيَّدَهَا بِالْحَمْل فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاَتِ حَمْلٍ فَأَنْفَقُوا عَلَيْهِنَّ} (1) وَإِذَا كَانَتِ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ طَلاَقٍ بَائِنٍ غَيْرَ حَامِلٍ فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ وُجُوبَ السُّكْنَى لَهَا، وَهُوَ رَأْيُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْقَاسِمِ، وَسَالِمٍ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَخَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ.
وَالآْيَةُ السَّابِقَةُ عَامَّةٌ فِي جَمِيعِ الْمُطَلَّقَاتِ، لأَِنَّهَا ذُكِرَتْ بَعْدَ قَوْله تَعَالَى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (2) وَهَذِهِ انْتَظَمَتِ الرَّجْعِيَّةَ وَالْبَائِنَ. بِدَلِيل أَنَّ مَنْ بَقِيَ مِنْ طَلاَقِهَا وَاحِدَةٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يُطَلِّقَهَا لِلْعِدَّةِ إِذَا أَرَادَ طَلاَقَهَا بِالآْيَةِ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرِ بْنِ الْخَطَّابِ - لَمَّا أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَهُ وَهِيَ حَائِضٌ: لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا أَوْ حَامِلاً (3) وَلَمْ
__________
(1) سورة الطلاق / 6.
(2) سورة الطلاق / 1.
(3) حديث: " ليطلقها طاهرا أو حاملا ". أخرجه مسلم (2 / 1093 ط. الحلبي) من حديث ابن عمر.
الصفحة 113