كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 25)

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَِزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْل غَيْرَ إِخْرَاجٍ} (1) نُسِخَ ذَلِكَ بِآيَةِ الْمِيرَاثِ، بِمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُنَّ مِنَ الرُّبُعِ وَالثُّمُنِ، وَنُسِخَ أَجَل الْحَوْل بِأَنْ جَعَل أَجَلَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا (2) . وَقَالُوا: إِنَّ الْمَنْزِل الَّذِي تَرَكَهُ الْمَيِّتُ لاَ يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لِلْمَيِّتِ، أَوْ مِلْكًا لِغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ مِلْكًا لِغَيْرِهِ لِكَوْنِهِ مُسْتَأْجَرًا أَوْ مُعَارًا فَقَدْ بَطَل الْعَقْدُ بِمَوْتِهِ فَلاَ يَحِل لأَِحَدٍ سُكْنَاهُ، إِلاَّ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَطِيبِ نَفْسِهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ (3) . وَإِنْ كَانَ مِلْكًا لِلْمَيِّتِ فَقَدْ صَارَ لِلْغُرَمَاءِ، أَوْ لِلْوَرَثَةِ، أَوْ لِلْوَصِيَّةِ، وَلاَ يَحِل لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا مَال الْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُمْ، لِلْحَدِيثِ الَّذِي تَقَدَّمَ. وَعَلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهَا إِلاَّ مِقْدَارُ مِيرَاثِهَا إِنْ كَانَتْ وَارِثَةً فَقَطْ (4) .
__________
(1) سورة البقرة / 240.
(2) كشاف القناع ط الرياض 5 / 434، المغني لابن قدامة 7 / 528، نيل الأوطار للشوكاني 6 / 340.
(3) صحيح البخاري 2 / 226 (باب الخطبة) وحديث: " فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام " أخرجه البخاري (فتح - 3 / 574 ط السلفية) من حديث ابن عباس وأبي بكرة، ومسلم (2 / 889 ط الحلبي) من حديث جابر، واللفظ للبخاري.
(4) بدائع الصنائع 1 / 2042.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى الأَْظْهَرِ أَنَّ لَهَا السُّكْنَى وَكَذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ بِشَرْطَيْنِ: الشَّرْطُ الأَْوَّل أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ قَدْ دَخَل بِهَا، الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَسْكَنُ لِلْمَيِّتِ إِمَّا بِمِلْكٍ أَوْ بِمَنْفَعَةٍ مُؤَقَّتَةٍ، أَوْ بِإِجَارَةٍ وَقَدْ نَقَدَ كِرَاءَهُ قَبْل مَوْتِهِ. فَإِنْ كَانَ نَقَدَ الْبَعْضَ فَلَهَا السُّكْنَى بِقَدْرِ مَا نَقَدَ فَقَطْ.
وَقَال عَبْدُ الْحَقِّ مِنْهُمْ: إِنْ كَانَ أَكْرَاهَا سَنَةً مُعَيَّنَةً فَهِيَ أَحَقُّ بِالسُّكْنَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَقَدَ.
وَقَدْ حَكَى هَذَا الْقَوْل مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاَللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (1) . وَلِحَدِيثِ الْفُرَيْعَةِ بِنْتِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَمَّا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَأَخْبَرَتْ بِذَلِكَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرَادَتِ التَّحَوُّل إِلَى أَهْلِهَا وَإِخْوَتِهَا قَال لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ (2) .
__________
(1) سورة البقرة / 234.
(2) حديث: " امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب ". أخرجه أبو داود (2 / 723 - 724 تحقيق عزت عبيد الدعاس) والترمذي (3 / 508 - 509 ط الحلبي) من حديث زينب بنت كعب قال الحافظ: (وأعله عبد الحق تبعا لابن حزم بجهالة حال زينب) التلخيص الحبير (3 / 240 ط شركة الطباعة الفنية) .

الصفحة 115