كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 25)
بِوَقْتٍ، وَفِي كُلٍّ إِمَّا أَنْ تَكُونَ لِمُعَيَّنٍ كَزَيْدٍ، أَوْ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَفُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ. فَإِذَا كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِالسُّكْنَى مُطْلَقَةً وَهِيَ لِمُعَيَّنٍ، فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ لِلْمُوصَى لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِسُكْنَى الدَّارِ مَا عَاشَ، فَإِذَا مَاتَ انْتَقَلَتِ السُّكْنَى إِلَى مِلْكِ صَاحِبِ الْعَيْنِ - وَهُمْ وَرَثَةُ الْمُوصِي - لِبُطْلاَنِهَا بِمَوْتِ الْمُوصَى لَهُ.
وَيُشْتَرَطُ لاِنْتِفَاعِ الْمُوصَى لَهُ بِالسُّكْنَى أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ الْمُوصَى بِسُكْنَاهَا تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَال الْمُوصِي، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَى هَذِهِ الدَّارِ الْمُوصَى بِسُكْنَاهَا، فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ يَسْكُنُ ثُلُثَهَا وَوَرَثَةُ الْمُوصِي يَسْكُنُونَ ثُلُثَيْهَا، مَا دَامَ الْمُوصَى لَهُ حَيًّا، فَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ تُرَدُّ إِلَيْهِمِ الْمَنْفَعَةُ كَامِلَةً. وَإِنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِالسُّكْنَى مُطْلَقَةً وَلِغَيْرِ مُعَيَّنٍ فَفِي جَوَازِهَا خِلاَفٌ فِي الْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ، فَأَبُو حَنِيفَةَ يَرَى عَدَمَ جَوَازِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ، وَيَرَى صَاحِبَاهُ جَوَازَهَا.
أَمَّا إِذَا كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِالسُّكْنَى مُؤَقَّتَةً بِمُدَّةٍ مُحَدَّدَةٍ كَسَنَةٍ مَثَلاً، فَيُنْظَرُ: هَل لِلْمُوصِي مَالٌ آخَرُ غَيْرُ هَذِهِ الدَّارِ الَّتِي أَوْصَى بِسُكْنَاهَا سَنَةً مُعَيَّنَةً؟ فَإِنْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ سُلِّمَتِ الدَّارُ إِلَى الْمُوصَى لَهُ لِيَسْكُنَهَا السَّنَةَ الْمَذْكُورَةَ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْهَا الْوَرَثَةُ قُسِمَتْ سُكْنَى الدَّارِ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَالْوَرَثَةِ أَثْلاَثًا، ثُلُثُهَا لِلْمُوصَى لَهُ، وَثُلُثَاهَا لِوَرَثَةِ الْمُوصَى. وَإِنْ
أَوْصَى بِسُكْنَاهَا سَنَةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَإِنَّ الدَّارَ تُسَلَّمُ لِلْمُوصَى لَهُ لِيَسْكُنَهَا إِذَا أَجَازَ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ، فَإِنْ لَمْ يُجِيزُوهَا قُسِمَتِ الدَّارُ أَثْلاَثًا يَسْكُنُ الْمُوصَى لَهُ ثُلُثَهَا لِمُدَّةِ ثَلاَثِ سَنَوَاتٍ.
فَإِذَا انْتَهَتِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ رَدَّ الثَّلاَثَ إِلَى الْوَرَثَةِ، وَتَكُونُ بِذَلِكَ الدَّارُ جَمِيعُهَا لِلْوَرَثَةِ.
أَمَّا إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهَا، فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ يَسَعُ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ سُلِّمَتِ الدَّارُ إِلَى الْمُوصَى لَهُ لِيَسْكُنَهَا السَّنَةَ الْمُحَدَّدَةَ، وَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ لاَ يَسَعُ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ فَإِنْ أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ سُلِّمَتِ الدَّارُ لِلْمُوصَى لَهُ لِيَسْكُنَهَا السَّنَةَ الْمُحَدَّدَةَ وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوهَا فَإِنَّهُ يَسْكُنُ بِمِقْدَارِ الثُّلُثِ حَسَبَ التَّفْصِيل الْمُتَقَدِّمِ.
وَإِنْ عَيَّنَ الْمُوصِي السَّنَةَ الَّتِي أَوْصَى بِسُكْنَاهَا فَمَضَتْ تِلْكَ السَّنَةُ قَبْل وَفَاةِ الْمُوصِي، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُل بِفَوَاتِهَا؛ لأَِنَّ الْوَصِيَّةَ لاَ تُنْتِجُ أَثَرَهَا إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي. وَإِذَا مَاتَ فِي أَثْنَاءِ تِلْكَ السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُل فِيمَا مَضَى قَبْل وَفَاتِهِ. أَمَّا مَا يَبْقَى مِنَ السَّنَةِ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُوصِي فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ الْحَقُّ فِي سُكْنَى هَذِهِ الْعَيْنِ (1) .
__________
(1) بدائع الصنائع 1 / 4888، وما بعدها، تبيين الحقائق للزيلعي 6 / 201 - 203، المبسوط 27 / 182، البحر الرائق 8 / 513، 514، الفتاوى الهندية 6 / 122.
الصفحة 119